فالتفتت فاطمة عليها السلام إلى الناس وقالت: معاشر الناس المسرعة إلى قيل الباطل، المغضية إلى الفعل الخاسر، أفلا تتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها. كلا بل ران على قلوبكم ما أسأتم من أعمالكم، فأخذ بسمعكم وأبصاركم، ولبئس ما تأولتم، وساء ما به أشرتم، وشر ما منه اغتصبتم، لتجدن والله محمله ثقيلا، وغبه وبيلا، إذا كشف لكم الغطاء، وبان ما وراءه الضراء، وبدا لكم من ربكم ما لم تكونوا تحتسبون. وخسر هنالك المبطلون. ثم انكفأت إلي قبر أبيها صلى الله عليه وآله متمثلة بقول صفية بنت عبد المطلب وقيل أمامة:
قد كان بعدك أنباء وهنبثة * لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب إنا فقدناك فقد الأرض وابلها * وغاب مذ غبت عنا الوحي والكتب تهضمتنا رجال واستخف بنا * إذ بنت عنا فنحن اليوم نغتصب أبدت رجال لنا نجوى صدورهم * لما فقدت وحالت دونك الكثب قال: فما رأينا يوما أكثر باكيا وباكية من ذلك اليوم. ثم انكفأت وأمير المؤمنين (عليهما السلام) يتوقع رجوعها إليه ويتطلع طلوعها عليه، فلما استقرت بها الدار قالت لأمير المؤمنين عليه السلام:
يا ابن أبي طالب اشتملت شملة الجنين، وقعدت حجرة الظنين، نقضت قادمة الأجدل، فخانك ريش الأعزل، هذا ابن أبي قحافة يبتزني نحلة أبي وبلغة ابني، لقد أجهد في خصامي، وألفيته ألد في كلامي، حتى حبستني قيلة نصرها، والمهاجرة وصلها، وغضت الجماعة دوني طرفها، فلا دافع ولا مانع! خرجت كاظمة، وعدت راغمة.. أضرعت خدك يوم أضعت