وينبغي هنا أن ننبه هنا على أمر مهم.. هو أن مدوني السيرة النبوية الشريفة طمسوا مرحلة دعوة بني هاشم وحذفوها من السيرة، وكأنه لا يوجد في القرآن آية: (وأنذر عشيرتك الأقربين)!
واخترعوا بدلها مرحلة بيت الأرقم، وما قبل بيت الأرقم.. وما بعد بيت الأرقم..! وأكثروا فيه من الروايات غير المعقولة!
* * فهذه الأدلة المتعددة الثابتة حتى في مصادر السنيين بأسانيد صحيحة، لا تدع مجالا للشك في أن ولاية الأمر بعد النبي صلى الله عليه وآله كانت مطروحة يتكلم فيها النبي والناس، من أول بعثته إلى آخر حياته صلى الله عليه وآله.. وأن الناس كانوا يعرفون أن مشروع النبوة ودعوة الناس إليها، هو أيضا مشروع تكوين دولة يرأسها النبي صلى الله عليه وآله، وتحتاج إلى خليفة له بعده.. ولذلك كانت القبائل ترى في نبوته بحسابها المادي، مشروعا مغريا، وتحاول أن تأخذ منه وعدا بأن يكون لها الأمر من بعده، ومنها قبائل يمانية وعدنانية، وزعيم قبائل نجد المتنقلة.
بل يمكننا بملاحظة هذا الواقع أن نفترض أن يكون في المسلمين الأوائل منافقين جذبتهم هذه الحركة النبوية باعتبارها مشروعا مغريا يؤمل له النجاح، فكان الواحد منهم يطمع أن يجدله موقعا في دولة هذا المتنبئ من بني هاشم، ينقله من ذل التهميش القبلي الذي هو فيه، إلى مركز قيادي!
وبهذا فقط نستطيع أن نفسر ذكر المنافقين والذين في قلوبهم مرض، في الآية 31 من سورة المدثر، التي نزلت مبكرا في مكة!!