ومضى أبو الكلاع يحدث أهل الشام عن علي، ويقسم لهم أنه يعرف فضله وسابقته وحقه، ولكنه يحاربه ليسلم معاوية قتله عثمان، كما أفتى بعض العلماء من حاشية معاوية لرؤساء أهل الشام.
وخشي عمرو أن يفت كلام أبي الكلاع في عضد جيش الشام، فحاول أن يقنعه بأن عمار بن ياسر هو أحد المسؤولين عن قتل عثمان الخليفة المظلوم، ولكن أبا الكلاع أغلظ لعمرو ومضى يحدث أصحابه من أهل الشام عن مناقب عمار، فقال: إنه كان أحد سبعة هم أول من أظهروا إسلامهم، منهم أمه سمية أول شهيدة في الإسلام، كما كان أبوه ياسر أول شهيد في الإسلام، عذبا حتى هلكا.
ومضى أبو الكلاع إلى ابن خالد بن الوليد، وكان من أصحاب معاوية فسأله عما كان بين خالد وعمار أمام الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال: قال لي أبي: كان بيني وبين عمار كلام فأغلظت له في القول، فانطلق عمار يشكوني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجئت وعمار يشكوني، فجعلت أغلظ له، ولا أزيده إلا غلظة، والنبي صلى الله عليه وسلم ساكت لا يتكلم، فبكى عمار وقال: يا رسول الله، ألا تراه؟ فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه وقال: من عادى عمارا عاداه الله، من أبغض عمارا أبغضه الله، فخرجت من عند الرسول فما كان شئ أحب إلي من رضا عمار، فأرضيته حتى رضي.
ومضى أبو الكلاع يسأل العلماء الذين اصطنعهم، أسمعوا عن الحديث الشريف: اهتدوا بهدي عمار؟، فسكتوا، خرجوا بالصمت عن لا ونعم.
وأبو الكلاع يبحث عن قراء الشام الذين انضموا إلى قراء العراق، فإذا هم جميعا تحت إمرة عمار، وإنه ليقودهم متجها إلى صفوف معاوية، والناس تقول: ما يسلك عمار أوديا من أودية صفين إلا التف حوله أصحاب رسول الله.
كان قراء الكوفة هم وآباؤهم يرون فيه رائدا عظيما، ذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أرسل عمارا إلى الكوفة بكتاب أهلها: أما بعد فإني أرسلت إليكم