المحجلين، أفلح من صدقك، وخاب من كذبك، فولى السليمي وهو يضحك، فقال:
يا أخا بني سليم أتستهزء بالله، ثم بي، قال: والله يا محمد ما أستهزء بالله ولا بك، ولقد جئتك وما على وجه الأرض أبغض إلي منك، والآن ما على وجه الأرض أحب إلي منك، قال: أسلم، فأسلم، فوثب النبي صلى الله عليه وسلم قائما وصفق بيديه ثلاثا فرحا بإسلامه، ثم قال: يا أخا بني سليم هل لك من شئ من عرض هذه الدنيا؟ قال: لا، والذي بعثك بالحق نبيا ما في بني سليم أفقر مني، فقال: من يضمن للسليمي ناقة من نوق الدنيا أضمن له على الله ناقة من نوق الجنة، فقال عبد الرحمان بن عوف رضي الله عنه: يا رسول الله ناقة صفتها كذا وكذا، فقال: يا ابن عوف وصفت الناقة التي عندك، أفلا أصف الناقة التي عندنا، قال: نعم، قال: هي من لؤلؤ بيضاء عنقها من ياقوتة حمراء، ذنبها من زمردة خضراء، شعرها من الزعفران، سنامها من الكافور، وقوائمها من أنواع الجواهر، رحلها من السندس والإستبرق، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: من يتوج الأعرابي وله على الله تاج الوقار، فأعطاه علي عمامته، ثم قال: من يزود الأعرابي وله على الله زاد التقوى، قيل: وما زاد التقوى، قال:
إذا كان أول يوم من أيام الآخرة وآخر يوم من أيام الدنيا، لقنه الله شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فقام سلمان الفارسي رضي الله عنه، فأتى فاطمة، فأخبرها، فقالت: لنا ثلاثة أيام لم نجد شيئا، ولكنه خذ درعي، وارهنه عند شمعون اليهودي على صاعين من شعير، وصاع من التمر، فلما جائه، قال شمعون: هذا درع فاطمة؟
قال: نعم، قال: هذا هو الزهد الذي أخبرنا به موسى عليه السلام في التوراة، أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ثم رد الدرع، وأعطاه الشعير والتمر، فطحنت الشعير، وخبزته، ثم قالت: خذه يا سلمان، فقال: خذي منه شيئا لأولادك، فقالت: شئ خرجنا عنه لله، فلا نأخذ من شيئا فدفعه للأعرابي، ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة، فوجدها مصفرة اللون، فسألها، فقالت: من الجوع،