" ما كان منه من شهوة فتوضأ " (1) لا وجه له بعد ورود جملة من الأخبار بنفي الوضوء منه بنحو الإطلاق، أو بالصريح كما في المنقول عن المشيخة عن عمر بن يزيد، وبالأخبار الصريحة النافية للوضوء وإن كان عن شهوة وبالوضوء منه ولو لم يكن عن شهوة.
فلا يبقى مجال أن يقال: إنه شاهد جمع بين مختلفات الأخبار ومطلقاتها، لرجوع التعارض حينئذ بينها وبين غيرها إلى التباين الموجب لإعمال المرجح المعلوم كونه للطرف المقابل، مضافا إلى كونها معرضا عنها عند الأصحاب، ففي مرسلة ابن أبي عمير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " ليس في المذي من الشهوة ولا من الأنعاظ ولا من القبلة ولا من مس الفرج ولا من المضاجعة وضوء، ولا يغسل منه الثوب ولا الجسد " (2) فلا بد حينئذ من حملها على التقية أو على الاستحباب.
كما يشهد له المروي عن محمد بن إسماعيل عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: " سألته عن المذي فأمرني بالوضوء، ثم أعدت عليه سنة اخرى فأمرني بالوضوء منه، وقال: إن عليا (عليه السلام) أمر المقداد أن يسأل رسول الله (صلى الله عليه وآله) واستحى هو (عليه السلام) أن يسأله، فسأله فقال: فيه الوضوء، قلت: وإن لم أتوضأ؟ قال: لا بأس " (3)، مع أن قصته محكية عن أبي عبد الله (عليه السلام) في موثقة إسحاق بن عمار قال: " سألته عن المذي، فقال (عليه السلام): إن عليا (عليه السلام) كان رجلا مذاء فاستحى أن يسأل رسول الله (صلى الله عليه وآله) لمكان فاطمة (عليها السلام)، فأمر المقداد أن يسأله وهو جالس فسأله، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله):
ليس بشيء " (4). فتبين أن المراد في الآمرة بالوضوء هو تكميل الطهارة.
ومنها: ما ذكره (قدس سره) بقوله: (والودي بالمهملة والمعجمة) والأول كما في مرسلة ابن رباط ما يخرج عقيب البول، والثاني ما يخرج من الأدواء " (5)