وما يوهمه المنقول عن الذكرى من وجود القول بوجوبه النفسي حيث إنه بعد أن ذكر الكلام في الغسل بالنسبة إلى وجوبه النفسي والغيري قال: " وربما قيل بطرد الخلاف في كل الطهارات ".
يدفع بأنه لعله إشارة إلى ما عنه عن القواعد من أنه قول لبعض العامة حيث قال: " لا ريب أن الطهارة والستر والقبلة معدودة من الواجبات في الصلاة مع الاتفاق على جواز فعلها قبل الوقت والاتفاق في الاصول على أن غير الواجب لا يجزي عن الواجب، فاتجه هنا سؤال وهو أن أحد الأمرين لازم إما القول بوجوبها على الإطلاق - ولم يقل به أحد - أو يقال بالإجزاء، وهو باطل؟ - ثم قال: - وهذا الإشكال اليسير هو الذي ألجأ بعض العلماء إلى اعتقاد أن وجوب الوضوء أو غيره من الطهارات نفسي موسعا قبل الوقت وفي الوقت ومضيقا عند آخر الوقت، ذهب اليه القاضي أبو بكر العنبري، وحكاه الرازي في التفسير عن جماعة فصار بعض الأصحاب إلى أن وجوب الغسل بهذه المثابة " انتهى.
وربما يستدل لعدم الوجوب أيضا بالآية (1) وبقوله (عليه السلام): " إذا دخل الوقت وجب الطهور والصلاة " (2) حيث إن مفاد الشرطية التوقيتية سببية الوقت المخصوص لوجوبهما، المفهوم منه انتفاء الوجوب بدونه.
وأما وجوبه للصلاة الواجبة ففي المدارك: " أن عليه إجماع المسلمين، بل عده فيه من ضروريات الدين، من غير فرق بين الصلوات كلها وخروج صلاة الميت عنها إنما هو لخروجها عنها فإنها حقيقة لذات الركوع والسجود ثم ألحق بها أجزاءها المنسية، لأن شرط المركب شرط لأجزائه ". وهو كذلك لو وقع الأجزاء في ضمن المركب، فالعمدة في المقام أنه لم يعرف فيه خلاف وأما صلاة الاحتياط فهي صلاة واجبة حقيقة. وتعبير الماتن بوجوب استدامته لهما إشارة إلى ما سيأتي في الصلاة من قادحية الفصل بينهما وبين الصلاة.