في بادئ النظر. وأما مع اتحادهما وعدم تخالفهما كما سيبين فلا حاجة إلى ارتكاب التخصيص، هذا مضافا إلى ما قيل من احتمال اختصاص الصحيحة الاولى بأفعال الصلاة.
نعم يبقى أن الأستاذ - طاب ثراه - عارض بين صحيح زرارة الوارد في الوضوء وموثقة ابن أبي يعفور عنه (عليه السلام): " إذا شككت في شيء من الوضوء ودخلت في غيره فشكك ليس بشيء، إنما الشك إذا كنت في شيء لم تجزه " باستظهار رجوع الضمير في كلمة " في غيره " إلى الشيء المشكوك. وقال - طاب ثراه -: " لو لم نجعل الموثقة أخص منه فلا أقل من كون تعارضهما على وجه التباين فيجب الرجوع إلى عموم صحيحتي زرارة وأبي بصير.
أقول: أولا: إنا نفهم من ملاحظة تمام الكلام رجوع الضمير إلى الوضوء دون الشيء المشكوك ولا أقل من مساواة هذا الاحتمال لما ذكره - طاب ثراه - فتكون الموثقة مجملة فنبينها بالصحيحة.
وثانيا: إن مقتضى القاعدة في تعارض المتباينين إعمال المرجحات، ومع فقدها يكون المرجع العام الفوقاني ووجود المرجح للصحيح عليها واضح جلي داخليا وخارجيا من صحة السند وصراحة الدلالة وموافقة الشهرة، فلا وجه لتساقطهما وإعمال ما ورائهما.
ومنه ينقدح عدم المعارضة بين مفهوم الذيل ومنطوق الصدر كما ذكره - طاب ثراه - لأن الشيء المدخول لكلمة " الحصر " لا يشمل أجزاءالوضوء بعد جعله بتمامه شيئا واحدا كما يستفاد من صحيح زرارة، واستنبطه هو (قدس سره) وجعله وجها لإلحاق الغسل بالوضوء.
فتبين أن حكم الوضوء بعد استنباط وحدته في نظر الشارع منطبق على العمومات أيضا، ووجه مراعاة الترتيب والموالاة وغيرهما من الشروط عند إعادة المشكوك واضح لشرطيتها فيه مطلقا، وكون الغسل أو المسح المأتي بهما بعد الشك هو وظيفة هذا العضو المجعولة له شرعا كما لو اوجدا فيه من غير شك فيعتبر فيهما حينئذ ما يعتبر فيهما ابتداء.