المشكوك بخصوصه مجرى لأصل موضوعي يخرجه عن المشكوكية ولو بحكم الشرع، فإن الأصل الجاري فيه حينئذ حاكم على تلك القاعدة، لإخراجه المشكوك عن المشكوكية، حيث إن القاعدة محلها ومجراها المشكوك، وبعد خروج المحل عن المشكوكية، ويترتب عليه حكم المعلوم لأجل حكم الشهيد بعدم الاعتناء بشكه وكونه ملغى في نظره، لقوله: " لا تنقض اليقين بالشك أبدا ".
وقد عمل بهذا الاستصحاب هو (قدس سره) حيث حكم بتطهير المحل وتطهير ملاقي الماء، ومع عمله به أيضا لا وجه لتقديم القاعدة عليه، بل هو مقدم عليها على وجه الحكومة، لزوال الشك حكما بعد جريان الاستصحاب، ولازمه بطلان وضوئه، لكونه فاقدا لشرطه الذي هو طهارة الماء أو المحل فقدانا قد أتى إحرازه بحكم الشهيد بالعمل باستصحاب النجاسة السابقة المتيقنة، ومن آثاره الشرعية عدم جواز هذا الوضوء وعدم صحته شرعا، وإن كان حين الوضوء لم يكن الاستصحاب جاريا لعدم الالتفات، ولكنه بعد الفراغ جار ولا يزاحمه القاعدة كما لا يخفى، وحينئذ فالأقوى صحة الوضوء كما ذكر.
ومنه تعرف ما فيما علقه الأستاذ - طاب ثراه - هنا بقوله: " الأحوط في جميع صور الشك في الشروط إعادة الوضوء "، فإن الشك في الشروط بعد الفراغ لو كان ابتدائيا كما لو شك في أنه توضأ بماء طاهر أو نجس أو شك في نجاسة شيء من أعضاء وضوئه لا ريب في أنه يعمل فيه بقاعدة الشك بعد الفراغ ويحكم بصحة الوضوء فكذا فيما لو كان المحل من مجرى الاستصحاب على فرض الالتفات، ولعله - طاب ثراه - لا يقول بجريانه عند عدم الالتفات. ولذا لم يحكم بالبطلان، بل احتاط للخروج عن شبهة الخلاف سيما في الشروط الخارجية، فتأمل.
ولا يتوهم أن الصحة في الصورة الاولى يأتي من قبل الأصل الموضوعي المثبت لطهارة المشكوكين - أعني الماء والمحل - عند الشك في نجاستهما.
لأ نا نثبت الصحة حتى مع سقوط ذلك الأصل، لمعارضته بمثله كما في الإناءين عند شكه بعد الفراغ في أنه بأيهما توضأ مع علمه بنجاسة أحدهما حينئذ