وعليه فما بنينا عليه الأمر أولا من كون عدم الالتفات هو المطابق لتلك القاعدة ورفع اليد عنها في خصوص الوضوء إنما هو لأجل الصحيحة يجعلها مخصصة للعمومات في غير محله، ولذا تراهم يلحقون الغسل بالوضوء ويعمون الحكم لمطلق الطهارة مع اختصاص دليل التخصيص بخصوص الوضوء، فلولا فهمهم كون الوضوء شيئا واحدا وكون الحكم فيه على القاعدة لم يكن للالحاق والتعميم وجه أصلا.
ولذا ترى الماتن (قدس سره) في جواهره تعجب من صاحب الرياض من اجرائه حكم الوضوء في الغسل، وقال (قدس سره): " ولم أعثر على مثل ذلك لغيره " وجعل منشأ التوهم له تعبير الأصحاب بلفظ " الطهارة " واستظهر هو (قدس سره) إرادة الوضوء منها لذكرها في بابه، والتعجب لاحق به (قدس سره) بلحاظ أنه كيف لم يتفطن لوجه التعميم؟
وكيف نسب اللغو إلى الأصحاب من ذكرهم في باب الوضوء لفظا عاما مع إرادتهم منه الخصوص من دون داع يدعوهم إلى ذلك.
فإذا عرفت ذلك فالأقوى هو الحاق الشرط بالجزء في الحكم المذكور وما أبعد ما بين هذا القول وبين ما قيل من الحكم بالصحة بمعنى تحقق الشرط حتى بالنسبة إلى الأفعال المستقبلة بتخيل أن إحراز طهارة الماء أو إطلاقه مثلا محله قبل الشروع في الوضوء، فالشك فيه في أثناء الوضوء شك بعد تجاوز المحل العادي فلا يعبأ به.
وفيه ما لا يخفى، إذ لم يثبت لإحراز الشروط محل لا شرعا ولا عرفا، وليس معنى شرطية طهارة ماء الوضوء أو إطلاقه إلا ايجاد أفعاله غسلا ومسحا بالماء الطاهر المطلق، فليس أمرا مغايرا حتى يفرض له محل، فافهم.
وأما إلحاق الظن بالشك مع عدم شموله له لغة فلدعوى إرادة عدم العلم منه في الأخبار كما في غير موضع منها، ولأن الظن المشكوك الاعتبار بحكم الشك عندهم كما هو ظاهر منهم، بل هو هو لأن العمل به عمل بالشك أي مشكوك الجواز.