وموثقة أبي بصير الدالة على أن الوضوء لا يتبعض يراد من عدم تبعضه ضرر الجفاف كما سيبين.
وعليه فالحق ما ذكره بقوله (قدس سره): (بل بمعنى أن لا يؤخر الشروع في غسل اللاحق بحيث يحصل معه (1) جفاف جميع ما تقدم) وهذا هو المراد مما حكي عن الصدوقين من التخيير بين الأمرين أي المتابعة وعدم الجفاف.
وملخصه كفاية مطلق التواصل، أما تواصل أفعاله صورة واتباع بعضها بعضا وإن حصل الجفاف أو تواصل آثارها بمعنى أن يشرع في اللاحق قبل محو أثر الفعل السابق وهو البلل، بل هذا هو مراد المشهور المنسوب إليهم اختيار تفسير الموالاة بعدم الجفاف، لأنهم لم يحكموا إلا بقدح الجفاف الحاصل من التفريق لا مطلقه، بل ادعى الأستاذ - طاب ثراه - أنه لم يعثر على مصرح بخلافه.
وعليه فلا يضر التجفيف الحاصل بفعل المكلف واختياره بلا تأخر ولا الجفاف الحاصل لضرورة من حر ونحوه لو والى في وضوئه وتابع أفعاله بعضه بعضا.
وعلى ما اخترناه في معنى الموالاة يحمل التبعيض المنفي في موثقة أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام): " إذا توضأت بعض وضوئك فعرضت لك حاجة حتى يبس وضوؤك فأعد وضوءك، فإن الوضوء لا يتبعض " (2)، فإن المراد بالتبعيض فيها انقطاع بعضه عن بعض وعدم التواصل في أفعاله مطلقا لا عينا ولا أثرا لا خصوص الثاني ولا خصوص الأول ليتأتى منه البطلان عند محو الأثر في صورة تواصل أفعاله بعضها ببعض عينا، أو يتأتى منه البطلان بمجرد تفريق أفعاله صورة وإن حصل التواصل والمتابعة أثرا بمعنى أنه أتى باللاحق قبل جفاف السابق، فاليبس المضر هو ما كان عن تأخير، كما أنه هو المراد بالمتابعة في رواية حكم ابن حكيم قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل نسي من الوضوء الذراع والرأس، قال (عليه السلام):