وعن محكي المصباح الجزم بإرادة المقدم منها، فلا أقل من عدم ثبوت إرادة ما يضاد المقدم من لفظة " الناصية " ليوجب تقييده بها، هذا.
مع أن الحاكي لفعله (صلى الله عليه وآله) غير قابل للتقييد، لعدم دلالته على الخصوصية، والصحيحة لا بد من تأويلها وحملها على الاستحباب، لظهورها في وجوب مسح تمام الناصية، وهو مخالف للإجماع كما نبه عليه الأستاذ - طاب ثراه - ومثلها خبر عبد الله، لعدم وجوب إزالة الخمار عليها في المسح، هذا.
ولكن الأحوط الاقتصار في المسح عليها، لاحتمال سوق لفظ " المقدم " في النصوص في قبال العامة القائلين بمسح المؤخر، فيكون المراد منه نفي ما هم عليه لا إثبات ما هو المفهوم منه عرفا من إرادة تمام الربع لو سلم انفهامه منه.
مضافا إلى ما عرفته عن القاموس من أنها أحد معاني المقدم، بل عن الحدائق عن بعض معاصريه دعوى الإجماع على إرادتها منه ممن عدا الشهيد الثاني وبعض من تبعه، ويشهد على صدق الدعوى ما عن المعتبر والتذكرة من استدلالهم لوجوب مسح المقدم بأنه (صلى الله عليه وآله) مسح بناصيته، وفعله (صلى الله عليه وآله) في مقام البيان فيجب اتباعه، انتهى.
وما عن الذكرى من قوله: " يجوز المسح بكل من البشرة والشعر المختص بالمقدم، لصدق الناصية عليهما "، انتهى. فإن ظاهر تلك الاستدلالات يفيد اتحاد الناصية والمقدم، هذا.
وقد تقدم أن الأحوط الاقتصار عليها وعدم التعدي عنها سيما مع تصريحه في التذكرة على ما حكي بكون الناصية ما بين النزعتين وأن ذكرهم المقدم إنما صدر قبالا للعامة المجوزون للمسح بالمؤخر كما عن جمهورهم أو المخصصين له به كما عن بعضهم، لا لكونه مرادا قبالا للناصية. ومنه يتأتى أن يقال بوحدة المراد بهما في الأخبار، وأنها هي المراد من لفظة " مقدم الرأس " مضافا إلى ما عرفته من إمكان حمل قول من فسر من اللغويين الناصية بالمقدم على التضييق، فيقوى حينئذ القول بعدم جواز التعدي عنها إلى غيرها من إجزاء المقدم بمعناه اللغوي،