ومستند تفصيل النهاية الجمع بينها وبين ما سبقت من روايات الإصبع باستظهار اختصاصها بحال الضرورة، وفيها أن رواية معمر محمولة على الإجزاء في الفضل لجمعها بين الرأس والقدمين المجمع على إجزاء الواحدة فيهما، وكذا صحيح زرارة، والشاهد لهذا الحمل فيه قوله: ولا تلقي عنها خمارها.
وأما المنقول عن حريز فهو إما اجتهاد منه، أو يراد منه الإجزاء في الفضل أيضا، فلا شيء منها يفي باللزوم المحكي عن الجماعة المنسوب إليهم ذلك، فالأحسن أخذها دليلا على فضل المقدار المذكور في مسح الرأس على ما عليه الأكثر.
ثم بناء على استحبابه الأقوى كونه أفضل فردي الواجب سواء وقع دفعة أم تدريجا، أما الأول فواضح، وأما الثاني فلحكم العرف بوحدة ما وقع عن المقدار في فرديته للمسح بشهادة عدم حكمهم بلغوية الزائد عن مقدار الواجب لو فرض عدم كونه مستحبا، وتعقل جمع الوجوب والاستحباب إنما هو باعتبار جنس الاستحباب لا فصله وباعتبار ما هو مناط تحققه والجهة الموجبة لثبوته في المقام لا هو بتمام مقوماته جنسا وفصلا.
ثم إن ظاهر الأكثر استحباب المقدار المذكور في عرض الرأس كما نقله الأستاذ عن المقنعة والتذكرة والشهيد وجامع المقاصد وحاشية الشرائع، وجعله ظاهر الأكثر، وعن ظاهر شارح الدروس دعوى الوفاق فيه، وهو ظاهر النصوص أيضا، لأن رواية معمر الجامعة بين الرأس والرجلين صريحة فيه بقرينة إرادة العرض من مقدار الثلاث في الرجلين، وقريب منها في الوضوح أو أصرح وضوحا رواية حريز، وبعد ذا لا يبقى ما ينافي روايات الإصبع، حيث إنه لو كان المراد المقدار الطولي لكان يحصل بإدخال إصبع واحدة وإمراره من طول الرأس إلى أن يصير قامة الخط الطولي مقدار ثلاث، وليس فيها ما يستظهر منه عدم إرادة هذا النحو من المسح عدا الإطلاق المستظهر منه كفاية المسمى طولا وعرضا، ومن الواضح عدم معارضة الإطلاق لما هو نص في الخصوصية، وحينئذ فما معنى جعلها مقابلة للروايات المعتبرة للثلاث، وكونها مفيدة لكفاية الواحدة ثم