ولعل هذا هو مراد الشيخ الأستاذ من نفيه رؤية رواية تدل على التحديد عدا المحددة له بثلاث أصابع، هذا مع ما هو المتداول من ايقاع المسح برأس الأنملة ممن يوقعه بالإصبع الواحدة، ولاخفاء في أنه ينقص حينئذ عن عرض الإصبع غالبا أو دائما.
فتنقح أن ذكر الإصبع هنا إنما هو لأجل غلبة تحقق المسمى بها لا بدونها، مضافا إلى ما تراه من نداء الرواية الثالثة بكونه للتقية، لتداول المسح بالإصبع من خلف الرأس عند العامة، هذا أحد القولين اللذين أشار اليهما بقوله: " على الأصح "، والآخر ما حكي من لزوم ثلاث أصابع إما مطلقا كما نسبه في المستند إلى بعض الأخباريين، وحكاه في الجواهر عن ظاهر الصدوق في الفقيه، وعن المعتبر حكايته عن مسائل الخلاف للسيد، أو في خصوص حال الاختيار كما حكاه عن النهاية، أو لخصوص النساء كما حكاه عن أبي علي، ومستند الجميع رواية معمر بن خلاد، عن أبي جعفر (عليه السلام): " يجزي من المسح على الرأس موضع ثلاث أصابع، وكذا القدمين " (1)، وما ورد في صحيح زرارة عنه (عليه السلام) أيضا: " المرأة يجزيها من مسح الرأس أن تمسح مقدمه قدر ثلاث أصابع، ولا تلقي عنها خمارها " (2) بناء على عدم الفرق بين الرجل والمرأة، لعدم الاعتناء بخلاف أبي علي الإسكافي، أو بالتفصيل بينهما كما عنه (قدس سره).
وما عن محمد بن عيسى أنه قال: " قلت لحريز يوما: يا عبد الله كم يجزيك أن تمسح من شعر رأسك في وضوئك؟ قال: مقدار ثلاث أصابع، وأشار إلى السبابة والوسطى والثالثة، وكان يونس يذكر عنه فقها كثيرا " (3) والظاهر أن مثل حريز لا يفتي في الشرعيات إلا بما سمعه.