الإصبعان إلى ما تحت اللحيين قريب الرقبة، فالتجأ إلى تخصيصه بوسط تدوير الوجه، مع أنه من الواضح أن التحديد إنما هو لإخراج ما يتوهم دخوله في المراد من الوجه مما ليس بمراد كصفحتي العارض فإنهما بتمامهما من الوجه عند العرف قطعا، وليستا بمراد في الآية، وأما أسفل الوجه فليس كذلك، لمعلومية خروج ما تحت اللحى عن الوجه كخروج النزعتين عنه.
فتبين بما ذكرنا وجه قوله (قدس سره): (فالداخل في ذلك) يعني في التحديد المذكور (من الوجه كما أن الخارج عنه ليس منه) أي من الوجه الواجب غسله المتوقف صحة الوضوء (من غير فرق بين الصدغ والعذار والعارض ومواضع التحذيف وغيرها. نعم يجب غسل شيء مما خرج عن الحد، للمقدمة) تحصيلا للعلم بإتيان الواجب، ولا يجب أصالة شيء من المذكورات مما لا يحيط به الإصبعان، كما لا يجوز ترك ماينالانه منها، خلافا في الأول لظاهر المشهور على ما نسبه إليهم الأستاذ - طاب ثراه - في شرح الارشاد تبعا لما في صحيحة زرارة المذكورة من الحكم بخروجه عن الوجه. ولابد من حمله على ما حكي عن الصحاح من أنه يسمى الشعر المتدلي بين العين والاذن صدغا، بعد أن حكى عنه أن الصدغ هو ما بين العين والاذن بإرادتهم منه محل هذا الشعر المتدلي مجازا.
وهذا بعد عدم إمكان حمل كلامهم في نفي كونه من الوجه، وخروجه منه الظاهر في خروجه عن المحدود لا عن الحكم على عدم كون جميعه من الوجه، لما عرفت من أن بعضه خارج عنه بمقتضى التحديد، فإبقاء كلامهم كظاهر الصحيحة على حاله من خروجه بأجمعه من الوجه مستلزم لإرادتهم هذا المعنى الذي حكي عن أهل اللغة لا معناه المعروف بينهم من أنه تمام ما بين الحدين، ليلزم منه خروج ما هو مقطوع الدخول بمقتضى التحديد المقبول أيضا، بل يقع التنافي من أجله بين كلامي المشهور وفقرتي الصحيحة من الحكم بخروجه صريحا واستلزام التحديد دخول بعضه كذلك.