واتفقوا على حصول الطهر للمحل بالثاني أيضا كحصوله له بالأول كما ادعاه الأستاذ - طاب ثراه - صريحا، واتفقوا على أن بقاء الريح بنفسها غير مضر، كما نفاه صريحا حسنة ابن المغيرة (1).
كما أنه لا مجال للتأمل في عدم مضرة ما يبقى من اللون الصبغي الذي لا يزول بالماء أيضا أحيانا وإن بلغ استعماله في المحل ما بلغ، فانحصر الأثر الذي فرقوا فيه - حينئذ - بين الماء والأحجار في اللون الذي يزول بالماء بسهولة، ولا يزيله الاستجمار إلا إذا بولغ فيه غاية المبالغة التي لا يرتكب مثلها في العادة، لما فيها من كمال المشقة، فإن ما دونه من الأجزاء اللطيفة التي هي بعض مراتب العين عرفا لا يسع بحسب الأدلة المعتبرة للنقاء التزام عدم لزوم، إزالتها، بل ينافيه الاتفاق على طهارة المحل، اذ يلزم من التزام عدم لزوم إزالتها وعدم ضرر بقائها في المحل الالتزام بطهارة عين الغائط، كما أن حمل الأثر على النجاسة الحكمية وحمل إزالتها على لزوم التعدد في استعمال الماء مما لا معنى له، لمخالفته لما اتفقوا عليه من كفاية النقاء وعدم لزوم التعدد مطلقا، مع اعتبارهم لزوم ذهاب الأثر بالماء، هذا.
مضافا إلى ما حققناه من أن ما يجب إزالته هو النجاسة المعنوية التي اعتبر الشارع مانعيتها للصلاة مثلا لا خصوص العين، وهو الذي عبر عنه بالحكمية، أي ما حكم بعدم صحة الصلاة - مثلا - معه فحمل الأثر على خصوص هذا اللون متعين كما ينادي به كلماتهم المحكية، مثل ما حكي عن ثاني الشهيدين والفاضل الميسي أنها أجزاء لطيفة عالقة بالمحل لا تزول إلا بالماء، والتعبير عنه بالأجزاء إنما هو بملاحظة ما اتفق عليه الحكماء من أن اللون المرئي هي أجزاء الجسم اللطيفة، لاتفاقهم على امتناع قيام العرض بغير الجوهر وامتناع انتقاله من محل إلى آخر.