ولما توجه إلى صفين أصابهم عطش عظيم فأمرهم فحفروا بئرا قريبا من دير، فوجدوا صخرة عظيمة عجزوا عن قلعها فنزل عليه السلام فاقتلعها ودحا بها مسافة بعيدة فظهر الماء فشربوا، ثم أعادها فنزل صاحب الدير وأسلم فسئل عن ذلك فقال: بني هذا الدير على قالع هذه الصخرة ومضى من قبلي ولم يدركوه واستشهد معه عليه السلام في الشام وحارب الجن وقتل منهم جماعة كثيرة لما أرادوا وقوع الضرر بالنبي صلى الله عليه وآله حيث سار إلى بني المصطلق وردت له الشمس مرتين، وغير ذلك من الوقائع المشهورة الدالة على صدق فاعلها. وأما المقدمة الثانية فظاهرة منقولة بالتواتر إذ لا يشك أحد في أنه عليه السلام ادعى الإمامة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله.
قال: ولسبق كفر غيره فلا يصلح للإمامة فتعين هو عليه السلام.
أقول: هذا دليل آخر على إمامة علي عليه السلام وهو أن غيره ممن ادعى لهم الإمامة كالعباس وأبي بكر كانا كافرين قبل ظهور النبي صلى الله عليه وآله، فلا يصلحان للإمامة لقوله تعالى: (لا ينال عهدي الظالمين) والمراد بالعهد هنا عهد الإمامة لأنه جواب دعاء إبراهيم عليه السلام.
قال: ولقوله تعالى: (وكونوا مع الصادقين).
أقول: هذا دليل آخر على إمامة علي عليه السلام وهو قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) أمر تعالى بالكون مع الصادقين أي المعلوم منهم الصدق ولا يتحقق ذلك إلا في حق المعصوم، إذ غيره لا يعلم صدقه ولا معصوم غير علي عليه السلام بالاجماع.
قال: ولقوله تعالى: (وأولي الأمر منكم).
أقول: هذا دليل آخر على إمامة علي عليه السلام وهو قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) أمر بالاتباع والطاعة لأولي الأمر، والمراد منه المعصوم إذ غيره لا أولوية له تقضي وجوب طاعته ولا معصوم غير علي عليه السلام بالاجماع.