أضربنا عن هذا، ونقول: هل المؤثر إجماع كل عاقل، وعالم ومجرب، أو يكفي بعض منهم؟ فإن كان الأول، أعضل جدا، وإن قيل بالثاني، فلا يخلو إما أن يكون عددا محصورا أولا، فإن كان الأول، أشكل إقامة البرهان عليه، وإن كان الثاني، أشكل [أيضا] (1) إقامة البرهان عليه، والمثل الذي ضربه بعمرو بن عبيد وشبهه يخص (2) إقليما لا الأقاليم. وقد أوردنا على اعتبار الأقاليم أولا اعتبارها ما فيه مقنع.
وأما ادعاءه: (أنهم اتفقوا على عثمان غير مكرهين ولا مجبرين) (3) فإن الجاحظ يطالب بإقامة البرهان عليه، والعيان يخالف ما قال. وكذا ادعاءه (أنهم اجتمعوا على أبي بكر رضوان الله عليه) (4) ولو لم يكن إلا مخالفة سعد بن عبادة إلى أن مات أو قتل.
فإن قال: لا نراعي اعتبار قول الجميع، قلنا: قد سبق الكلام عليه.
وأما إن النبي - عليه السلام - ما عين علي رئيس، فإن الخصم ينازع في ذلك ويتعلق بالوارد من طريق الخصم، عن النبي - عليه السلام - في إمامة أمير المؤمنين - عليه السلام - ولذلك مظان معروفة (5) يعرفها من شاء الوقوف عليها.
وأما أن الله تعالى لم يبن الأمر مع الرعية على الأخف والأقرب. بيانه:
ما تضمنه مثله من مسائل لو كشفت كشفا جيدا، كان أخف وارفه، فإن الجواب عنه: بما أنا والجاحظ جميعا متفقون على أنه لا بد من رئيس، فالإمامية تقول: يجب على الله والجاحظ وحزبه يقولون: يجب على الأمة.