وذلك يقف الحكم ويتعطل به (1) أمر الدنيا، إذ حاجة الدنيا إلى الرئيس حاجة الجوارح إلى القلب، والجسد إلى الروح، وأين الناقة لمقادير الرجال؟
والحال هذه، وأنه مع اجتماع الجميع، والتطلع على أحوالهم يشكل، فكيف مع الذي ذكرت من تباعد الجهات ونبأ (2) (كذا) المحال.
وإن كان الفرض أن كل أهل إقليم يعنون على رئيس حسب ما يقع عندهم من التدبير أشكل، إذ فيه اجتماع خلفاء متعددين وهو ممنوع عند هذا الخصم وعند خصمه، هذا مع إشكال فيه جدا، إذ عقول أصحاب الاختيار متباينة جدا [ونقدهم] (3) متغاير (4) جدا، ولو اتفقوا مثلا في العقول والتجارب والدين والعلوم، فإن بين هذه المزايا شائبة الهوى، ومفاسد الأغراض وهذه العوارض مانعة من اتفاق من له أهلية الاختيار على شخص واحد.
ثم إن الفرق الإسلامية فنون: هذا شيعي، وهم فرق، وهذا سني وهم فرق بين معتزلي وأشعري، وشافعي، وحنفي، وحنبلي، ومالكي، في غير ذلك من اختلافات (5) بين المسائل في العقائد والفروع، فكل قبيل لا يرضى إلا برئيس على مذهبه، وخليفة على طريقته (6) وهذا يؤدي إلى انتشار عظيم وفساد جم [و] (7) ربما كان ترك الرئيس أنفع للرعية من مداناته، وأجدى لهم من مقاربته (8).