والأمم، محركة: القرب يقال:
أخذته من أمم، كما يقال: من كثب، قال زهير:
كأن عيني وقد سال السليل بهم * وجيرة ما هم لو أنهم أمم (1) أي: لو أنهم بالقرب مني.
ويقال: داركم أمم، وهو أمم منك، للاثنين والجميع.
والأمم: اليسير القريب المتناول، وأنشد الليث:
تسألني برامتين سلجما * لو أنها تطلب شيئا أمما (2) والأمم: البين من الأمر، كالمؤام كمضار.
ويقال للشيء إذا كان مقاربا: هو مؤام.
وأمر بني فلان أمم ومؤام، أي: بين لم يجاوز القدر.
وفي حديث ابن عباس: " لا يزال أمر الناس مؤاما ما لم ينظروا في القدر والولدان " أي: لا يزال جاريا على القصد والاستقامة، وأصله مؤامم، فأدغم.
والأمم: القصد الذي هو الوسط، والمؤام: الموافق والمقارب، من الأمم.
وأمهم وأم بهم: تقدمهم، وهي الإمامة.
والإمام بالكسر: كل ما ائتم به قوم من رئيس أو غيره، كانوا على الصراط المستقيم أو كانوا ضالين.
وقال الجوهري: الإمام: الذي يقتدى به، ج: إمام بلفظ الواحد، قال أبو عبيدة في قوله تعالى: واجعلنا للمتقين إماما) (3) هو واحد يدل على الجمع.
وقال غيره: هو جمع آم وليس على حد عدل ورضا، لأنهم قد قالوا: إمامان، بل هو جمع مكسر. قال ابن سيده: أنبأني بذلك أبو العلاء عن أبي علي الفارسي، قال: قد استعمل سيبويه هذا القياس كثيرا.
وأيمة قلبت الهمزة (4) ياء لثقلها؛ لأنها حرف سفل في الحلق وبعد عن الحروف وحصل طرفا فكان النطق به تكلفا، فإذا كرهت الهمزة الواحدة، فهم باستكراه الثنتين ورفضهما لا سيما إذا كانتا مصطحبتين غير مفترقتين فاء وعينا أو عينا ولاما أحرى، فلهذا لم يأت في الكلام لفظة توالت فيها همزتان أصلا البتة. فأما ما حكاه أبو زيد من قولهم دريئة ودرائي وخطيئة وخطائي فشاذ لا يقاس عليه، وليست الهمزتان أصلين (5) بل الأولى منهما زائدة، وكذلك قراءة أهل الكوفة: (فقاتلوا أئمة الكفر) (6) بهمزتين شاذ لا يقاس عليه.
وقال الجوهري: جمع الإمام أأممة على أفعلة، مثل إناء وآنية وإله وآلهة، فأدغمت الميم، فنقلت حركتها إلى ما قبلها، فلما حركوها بالكسر جعلوها ياء.
وقال الأخفش: جعلت الهمزة ياء؛ لأنها في موضع كسر وما قبلها مفتوح فلم تهمز لاجتماع الهمزتين. قال: ومن كان من رأيه جمع الهمزتين همزه، انتهى.
وقال الزجاج: الأصل في أئمة أأممة؛ لأنه جمع إمام كمثال وأمثلة، ولكن الميمين لما اجتمعتا أدغمت الأولى في الثانية وألقيت حركتها على الهمزة فقيل أئمة، فأبدلت العرب من الهمزة المكسورة الياء.
والإمام: الخيط الذي يمد على البناء فيبنى (7) عليه، ويسوى عليه ساف البناء، قال يصف سهما:
وخلقته حتى إذا تم واستوى * كمخة ساق أو كمتن إمام (8) أي: كهذا الخيط الممدود على البناء في الأملاس والاستواء.
والإمام: الطريق الواسع، وبه فسر قوله تعالى:
(وإنهما لبإمام مبين) (9) أي بطريق يؤم أي: يقصد فيتميز، يعني قوم لوط وأصحاب الأيكة.