موضع النزاع، لأنها دالة على وجوب التطهير والبحث ليس فيه، بل في كيفية الإزالة " (1) وملخصه على ما رامه (رحمه الله): أن مرجع الاستدلال بالآية إلى التمسك بإطلاقها المتناول لما يحصل بالماء وما يحصل بغيره، لمكان عدم الاستفصال، وهو باطل لأن الآية ليست في صدد بيان كيفية التطهير وطريقه ليكون الإطلاق من هذه الجهة مناطا للحكم، وإنما هي في صدد تشريع أصل التطهير مع السكوت عن كيفيته، ومعه لا معنى للتمسك بالإطلاق من هذه الجهة، على ما هو الشرط المقرر في التمسك بالمطلقات من عدم ورودها مورد بيان حكم آخر.
والثالث: إطلاق الأمر بالغسل من النجاسة في عدة أخبار من غير تقييد بالماء، وقد اعترض على نفسه أيضا: " بأن إطلاق الأمر بالغسل ينصرف إلى ما يغسل به في العادة، ولم يقض العادة بالغسل بغير الماء.
فأجاب: بمنع اختصاص الغسل بما يسمى الغاسل به غاسلا عادة، إذ لو كان كذلك لوجب المنع من غسل الثوب بماء الكبريت والنفط وغيرهما مما لم يجر العادة بالغسل به، ولما جاز ذلك وإن لم يكن معتادا إجماعا علمنا عدم الاشتراط بالعادة، وأن المراد بالغسل ما يتناوله اسمه حقيقة من غير اعتبار العادة " (2) إنتهى.
وجوابه بناء على ما قدمناه في تتميم الاستدلال على المذهب المشهور واضح، ومرجعه إلى منع إطلاق الغسل بالقياس إلى ما يحصل بغير الماء، فإن اللفظ لا يعقل فيه إطلاق بالقياس إلى معنييه الحقيقي والمجازي.
وحكي هذا الجواب عن جماعة من الأصحاب منهم العلامة في المنتهى (3)، والشهيد في الذكرى (4)، وإن كانوا في دعوى الحقيقة بين مطلق ومقيد لها بالشرعية، وعن المطلقين الاحتجاج بسبقه إلى الذهن عند الإطلاق، كما يسبق عند إطلاق الأمر بالسقي فيما لو قال السيد: " اسقني " حيث لا يتبادر منه إلا السقي بالماء، ولذا لو أتاه المأمور بمضاف كان معاقبا، وليس ذلك إلا من جهة كون الماء مأخوذا في مفهوم السقي.
وأما على طريقة من يقول بأن الغسل باعتبار مفهومه اللغوي وإن كان للأعم ولكنه