وممن صرح بمخالفته العلامة في المختلف، حيث إنه بعد ما نقل كلامه المشتمل على فقرة اخرى تأتي بيانها قال: " والحق عندي خلاف ما قاله الشيخ (رحمه الله) في موضعين، أحدهما: أنا لا نشترط امتزاجه بما زاد على الكر، بل لو مزج بالكر وبقي الإطلاق جاز استعماله " (5) انتهى.
وربما يحمل كلام الشيخ إلى كونه واردا على جهة التساهل لا على جهة الاشتراط.
أقول: ويمكن تنزيل عبارته إلى إرادة ما يراد بقولهم: " يطهر بإلقاء كر فما زاد " كما سبق نظيره في عبارة المنتهى، وعلى تقدير كون المراد ظاهر العبارة على وجه ينشأ منه الخلاف في المسألة فلاوجه له يعتد به، إلا ما قيل: من أن قدر الكر لا ينفك غالبا عن تغير أحد أوصاف جزء ما منه، ومعه ينتقض عن الكرية فينجس البتة، فلابد من الزيادة عليه.
وفيه أولا: النقض بكثير من أفراد الزائد على الكر أيضا كما لا يخفى، إلا أن يكون المراد بالزيادة زيادة ما يبقى بعد تغيره من كر غير متغير.
وثانيا: كونه في الحقيقة اجتهادا في مقابلة النص، لأن اعتبار الزيادة بالوجه المذكور هنا يستدعي اعتبارها في مسألة عدم انفعال الكثير بملاقاة النجاسات التي منها البول المغير والدم والعذرة، إذ الفرق بين المسألتين تحكم بحت، والالتزام بالاعتبار فيهما تقييد للأدلة القاضية بعدم الانفعال.
إلا أن يقال: بأن التزام التقييد مما لا محيص عنه، عملا بموجب ما دل بعمومه على نجاسة الماء بالتغير قليلا أو كثيرا أو جزء كثير، بناء على ما قدمنا تحقيقه من الإجماع على تحكيم أدلة التغير على أدلة الكثير، وإن كان بينهما عموم من وجه.
وعليه نحن نفرق بين المسألتين باعتبار الزيادة بالقدر المذكور ثمة دون المقام، والفارق ما قدمنا في بحث التغير من أنه إنما يوجب التنجس إذا حصل من عين النجاسة دون المتنجس منها، والتغير المفروض في المقام مستند إلى المضاف وهو ليس بعين النجس.
ثم يرد على الشيخ - مع هذا -: أن هذا الشرط على فرض اعتباره ليس أمرا وراء ما يعتبره في مطهر المضاف من بقائه على إطلاقه وعدم تغير أوصافه من الطعم واللون والرائحة على ما سيجيء من الخلاف فيه، بناء على ما اشتهر في كلامهم من أن الشيخ يعتبر هنا امورا ثلاث: الزيادة على الكرية، وبقاء الإطلاق، وعدم التغير، إلا أن يحكم