ويؤيده ما عن الصحيح عن الحلبي عن الصادق (عليه السلام) عن رجل أجنب في ثوب وليس معه غيره؟ قال: " يصلي فيه إلى حين وجدان الماء " (١).
فإن قضية الجمع بين الجواب والسؤال أن الرجل كان في حالة الاضطرار لمجرد انحصار ثوبه في ثوب الجنابة وعدم وجدانه الماء، فلو أن الغسل أو إزالة الخبث يتأتى بغير طريق استعمال الماء لم يكن هناك حالة اضطرار، وليس في الرواية تعرض لعدم وجدانه غير الماء من أنواع المضاف، ولا أقل من الريق، مع ما قيل من أن أهل الحجاز كان في بيوتهم الخل وماء الورد وأمثالهما، أو كان هذه الأشياء موجودة في بلادهم مكة والمدينة ونحوهما، فكيف يفرض في حقهم عدم التمكن عن المضاف.
ومنها: قوله تعالى ﴿وأنزلنا من السماء ماء طهورا﴾ (2) وقوله (عليه السلام) في حديث " كان بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم قطرة البول قرضوا لحومهم بالمقاريض، وقد وسع الله عليكم بأوسع ما بين السماء والأرض، وجعل لكم الماء طهورا " (3) فإن قصر الحكم في مقام الامتنان يدل على انحصار المطهر فيه، وهذا موهون بما ذكرنا في المسألة السابقة فلاحظ بعين الدقة.
ومنها: أن ملاقاة المايع للنجاسة يقتضي نجاسته، والنجس لا يزال به النجاسة، وهو كما ترى لا يتم على القول بطهارة الغسالة، وعلى قول المرتضى (4) بالفرق بين الورودين، بل على قول الآخرين بنجاسة الغسالة أيضا، كيف وهو منقوض على هذا القول باستعمال المطلق القليل في إزالة النجاسة، فأنه ينجس بالملاقاة ومع هذا يفيد طهارة المحل.
وأما ما قيل في دفعه - كما عن المعتبر -: " من أن مقتضى الدليل التسوية بينهما، لكن ترك العمل به في المطلق للإجماع ولضرورة الحاجة إلى الإزالة، والضرورة تندفع بالمطلق، ولا يسوى غيره لما في ذلك من تكثير المخالفة للدليل " (5).
ففيه: ما لا يخفى من الغفلة عن حقيقة المقصود بالنقض، فإنه عند التحقيق حل ورد بصورة النقض.