المطلق فيجب حمله عليه، ولا ينافي ذلك إطلاق الأمر بالغسل في بعضها أيضا، لأن المقيد يحكم على المطلق كما هو مقرر في الاصول.
واعترض عليه تارة: بأن الأوامر المذكورة مخصوصة بنجاسات معينة والمدعى عام.
فأجاب عنه المحقق - بما حكي عنه في بعض مسائله -: " من أنه لا قائل هنا بالفرق " (1) واخرى بما عن الذخيرة: من أنه كما يمكن الجمع بحمل المطلق على المقيد، كذا يمكن بالحمل على الاستحباب، أو على ما هو الغالب من أنه لا يستعمل في الإزالة غير الماء (2).
والجواب عن الأول: مقرر في الاصول.
وعن الثاني: بأن الغلبة المدعاة إن اريد بها ما هو في جانب المطلق، على معنى أن الأمر بمطلق الغسل ينصرف إليه بالماء لأنه الغالب، فهو تأييد لقول المشهور، ودفع لما ورد على تمسكهم بالأوامر المقيدة من وجود الأوامر بالمطلق أيضا، ورفع للحاجة إلى تجشم حمل المطلق على المقيد دفعا للمعارضة بينهما، إذ مبنى هذا الكلام على منع المعارضة بينهما من طريق آخر غير قاعدة الحمل.
فإن اريد بها ما هو في جانب القيد الوارد في المقيد، على معنى كون قيد " الماء " واردا مورد الغالب فلا يكون مفهومه حجة.
ففيه: منع ابتناء قاعدة الحمل على أن يكون للقيد الوارد في الكلام مفهوم كما هو مقرر في الاصول، وإنما هو مبتن على التنافي بين إطلاق المطلق وتقييد المقيد، وهو حيثما حصل كان من مقتضيات منطوق المقيد وإن لم يكن له مفهوم، حيث إن إطلاق المطلق يقتضي تخيير الوجوب، والتقييد يقتضي تعيينه رأسا وهما متنافيان، ومن هنا كان الحمل مما يقول به من لا يقول بالمفهوم رأسا.
ويمكن المناقشة في هذا الحمل بأن: من شرائطه المقررة في محله اتحاد موجب الخطابين، بأن يكون علة الحكمين متحدة، وهذا الشرط ليس بمحرز في المقام، حيث إن علة الحكم في المقيد النجاسة البولية ونحوها، وهي في المطلق سائر النجاسات، ولعله إلى هذا البيان يرجع ما تقدم في الاعتراض الأول. فجوابه: حينئذ ما عرفت عن