ومقتضى ذلك استحباب الخمس في أربع صور من الست التي هي مرتفع الاثنين اللذين هما صلابة الأرض ورخاوتها في الثلاث التي هي فوقية البئر ومساواتها وتحتيتها، واستحباب السبع في صورتين منها وهما صورة المساواة وتحتية البئر مع رخاوة الأرض.
ومعنى فوقية البئر أن يكون قرارها أعلى من قرار البالوعة، بأن يكون البالوعة أعمق منها كما في المدارك (1)، وفي كلام شارح الدروس: " أن العبرة في الفوقية على ما ذكره الأصحاب بقراريهما، لا بوجه الأرض " (2)، وفي عبارة الشيخ علي في حاشية الشرائع: " المراد بالفوقية كون قرار البئر أعلى، ويتحقق علو أحدهما بكونها أكثر عمقا وبالجهة " (3)، وقضية ذلك - كما في المدارك - (4) كون القرار عبارة عن قعريهما من الأرض.
وقد يقال في تفسيره: إنه وجه الماء لا قعره، والأول أظهر؛ وصرحوا أيضا بأن المراد بالذراع ما هو المعتبر في تحديد المسافة، وفسرها في المدارك (5) بالذراع الهاشمية (6)، وليس على ما ينبغي؛ بل المعتبر في المسافة ذراع اليد المحدودة بست قبضات معتدلة، وكل قبضة أربع أصابع معتدلة، والإصبع عرض ست شعيرات معتدلة، والشعيرة ست شعرات من ذنب البرذون.
ومقابل المشهور مذهب ابن جنيد الإسكافي، وهو على ما في مختلف العلامة أنه:
" إن كانت الأرض رخوة والبئر تحت البالوعة فليكن بينهما اثنى عشر ذراعا، وإن كانت صلبة أو كانت البئر فوق البالوعة فليكن بينهما سبع أذرع " (7).
وهذه العبارة كما ترى لا توافق عبارته المحكية عنه في مختصره؛ وهي: " لا استحب الطهارة من بئر يكون بئر للنجاسة التي يستقر فيها النجاسة من أعلاها في مجرى الوادي، إلا إذا كان بينهما في الأرض الرخوة اثنى عشر ذراعا، وفي الأرض الصلبة سبع أذرع، فإن كان تحتها والنظيفة أعلاها فلا بأس، وإن كانت محاذيتها في سمت القبلة فإذا كان بينهما سبع أذرع فلا بأس " (8).