عن العلاء عن الصادق (عليه السلام) " قال: سألته عن البئر يتوضأ منها القوم، وإلى جانبها بالوعة؟
قال: إن كان بينهما عشرة أذرع وكانت البئر التي يستقون منها تلي الوادي، فلا بأس " (1).
وما رواه في الكافي عن الفضلاء الثلاث زرارة، ومحمد بن مسلم، وأبي بصير، قالوا:
قلنا له: بئر يتوضأ منها، يجري البول قريبا منها أينجسها؟ قال فقال: " إن كانت البئر في أعلى الوادي، والوادي يجري فيه البول من تحتها، فكان بينهما قدر ثلاثة أذرع، أو أربعة أذرع، لم ينجس ذلك شئ، [وإن كان أقل من ذلك نجسها] (2).
قال: وإن كانت البئر في أسفل الوادي، ويمر الماء عليها، وكان بين البئر وبينه سبعة أذرع لم ينجسها، وما كان أقل من ذلك لم يتوضأ منه ".
قال زرارة: فقلت له: فإن كان مجرى البول يلزقها وكان لا يثبت على الأرض؟ فقال:
" ما لم يكن له قرار فليس به بأس؛ وإن استقر منه قليل فإنه لا يثقب الأرض، ولا قعر له حتى بلغ البئر، وليس على البئر منه بأس، فيتوضأ منه، إنما ذلك إذا استنقع كله " (3).
وهذه الرواية مذكورة في التهذيبين أيضا باختلاف يسير في بعض ألفاظها.
ويبقى الكلام في وجه استفادة ما أطبقوا عليه من استحباب التباعد بين البئر والبالوعة بأحد الأبعاد المتقدمة على الخلاف، مع ظهور النصوص الموجودة في هذا الباب في الوجوب، فهو إما من جهة الإجماع الناهض قرينة على صرف النصوص عن ظاهرها، ولا ينافيه الاختلاف مع التمسك بتلك النصوص، لأن ذلك اختلاف في مقدار المستحب واستعلام له.
أو من جهة اختلاف النصوص الواردة في التحديد، نظرا إلى أنه يصلح قرينة على إرادة الاستحباب الذي يختلف مراتبه، كما ذكروا نظيره في مواضع، منها: ما تقدم في روايات النزح من تصريحهم بكون اختلافها الشديد في التقادير قرينة على استحباب النزح، أو من جهة تنزيل النصوص إلى الاستحباب الذي يتسامح في دليله، نظرا إلى ما فيها من الضعف المانع عن صلوحها دليلا على الوجوب.