نظرا إلى أنه كان محلا لتوهم الإطلاق بالقياس إلى أحوال وقوع الطير بالدم التي فيها وقوعه ميتا بغير التذكية، أو تحقق موته في الماء لغير الذبح الواقع عليه في مفروض السائل، بأن يستند موته إلى الماء دون الذبح، فإنه (عليه السلام) لما التفت إلى هذا المعنى فردع عنه بقوله (عليه السلام): " هذا إذا كان ذكيا " فتعرض لحيثية الموت بما أفاده بعد ذلك إلى آخر الرواية.
وقضية هذا الالتفات أنه لو فرض تحقق موت الطير المفروض في الماء مستندا إليه لم يكن مطلق الدلاء كافيا في نزحه، وهو عين ما عرفته عن صاحب المعالم وفهمه الحلي، ولازم ما ذكره الجماعة وعرفته عن المحقق والعلامة كون ذلك كافيا، فانظر كي تعرف المحق عن غيره.
ثم إن العلامة في المختلف صرح بعدم الفرق في الكافر بين وقوعه ميتا، ووقوعه حيا ثم موته في البئر، فاكتفى في الجميع بنزح السبعين، قائلا - بعد نقل قول الحلي واحتجاجه -: " والحق تفريعا على القول بالتنجيس أن نقول: إن وقع ميتا نزح له سبعون للعموم، وتمنع من زيادة نجاسته، فإن نجاسته حيا إنما هو بسبب اعتقاده، وهو منفي بعد الموت، وإن وقع حيا ومات في البئر فكذلك، لأنه لو باشرها حيا نزح له ثلاثون لحديث كردويه " (1) انتهى.
ومحصله في كلا الشقين يرجع إلى التمسك بالعموم، والظاهر ابتناؤه في الشق الثاني على القول بالتداخل، وإلا لم يكن للاكتفاء بالسبعين مع إيجاب الثلاثين لمباشرته حيا - بناء على مصيره إليه فيما لا نص فيه - معنى، وعلى أي حال كان فوهنه واضح بعد ملاحظة ما تقدم.
وعن المحقق (2) والشهيد الثانيين (3) الفرق بين وقوعه ميتا فيكتفى بنزح السبعين للعموم، وموته في البئر بعد وقوعه حيا فينزح الجميع إن قلنا به فيما لا نص فيه، وإلا فثلاثون أو أربعون على الخلاف، فلو كان المعهود عنهما موافقة العلامة في القول بزوال نجاسة الكفر بالموت لكان ذلك وجها ظاهرا في هذا الفرق، غير أن المحكي عن الشهيد في شرح الإرشاد (4) دفع كلام العلامة في دعوى زوال نجاسة الكفر، فحينئذ