كيف ولولا ذلك لزم استعمال لفظ " الإنسان " في أكثر من معنى لكون إحدى الجهتين مستلزمة لإرادة المطلق، والاخرى مستلزمة لإرادة المقيد، ولا يكفي فيه إرادة المطلق فقط لعدم كون الجهة الثانية من لوازم مطلق الماهية واحتمال كفاية سبعين عن الجهتين معا فلا يضر فيه إرادة المطلق مبني على تداخل السببين، وهو منفي بما قرر في محله من أصالة عدم التداخل.
فالحاصل: أن الكافر من حيث نجاسة كفره في حكم المسكوت عنه، ومعه لا يعقل الحكم بكفاية السبعين الوارد لنجاسة الموت عن نجاسة الكفر أيضا، فيجب المراجعة من حيث النجاسة المسكوت عنها إلى ما يقتضيه دليلها خصوصا أو عموما، ولما لم يرد لها دليل خاص فالواجب مراجعة الدليل العام الجاري في غير المنصوص عموما.
فإن قلت: تخصيص الكافر عن حكم الموت المنصوص على مقدره ليس بأولى من تخصيصه عن حكم الكفر الغير المنصوص على مقدره.
قلت: ما ذكرناه ليس من باب التخصيص بل هو عمل بالدليلين، بناء على عدم التداخل إن قلنا في غير المنصوص بوجوب ثلاثين أو أربعين، نعم لو قلنا فيه بوجوب نزح الجميع كان الكافر خارجا عن حكم الموت المقدر بسبعين، لكن لا بعنوان التخصيص بل من جهة انتفاء موضوع هذا المقدر، نظرا إلى أن الماء إذا وجب نزح جميعه، فلا يبقى لنزح سبعين محل حتى يمتثل الأمر به إلا في موضع التراوح، فيجب الجمع أيضا بين مقدر الموت والتراوح قضية لعدم التداخل.
ومن هنا اندفع ما يقال في الاعتراض على القول بأن النص وإن كان شاملا للكافر إلا أنه أوجب نزح سبعين لأجل موته، فهو ساكت عما يجب نزحه للكفر، من: " أن الجهتين في الكافر متلازمتان فلا معنى للسكوت عن إحداهما، فهو نظير ما إذا حكم الشارع بصحة الصلاة في ثوب عليه عذرة الكلب ناسيا، فإنه لا يمكن القول بأن الحكم بالصحة من جهة نجاسة الثوب بالعذرة لا من جهة استصحاب فضلة ما لا يؤكل لحمه أو العكس، لأن الجهتين متلازمتان يقبح السكوت عن إحداهما في مقام البيان " (1) انتهى.
فإن الجهتين المتلازمتين إنما تشاركتا في اقتضاء أمر واحد بحكم العقل، إذا لم