لم يتعرضا (عليهما السلام) له، إلا أن لقائل أن يقول: إن ما ذكرتموه لا يدل على بلوغ الكرية، ويمكن التمحل بأن يحمل " الدلاء " على ما يبلغ الكر جمعا بين المطلق والمقيد خصوصا مع الإتيان بصيغة جمع الكثرة.
لا يقال: إن حمل الجمع على الكثرة استحال إرادة القلة منه، وإلا لزم الجمع بين إرادتي الحقيقة والمجاز، وإن حمل على القلة فكذلك.
لأنا نقول: لا نسلم استحالة التالي، سلمناه لكن إن حمل على إرادة معناه المجازي وهو مطلق الجمع لم يلزم ما ذكرتم، على أن لنا في كون الصيغ المذكورة حقائق أو مجازات في القلة والكثرة نظرا " (1)، إلى آخر ما ذكره، ولا يخفى ما في هذا التقريب من وجوه النظر.
أما أولا: فلأن لزوم الحمل على المعنى الثاني إنما هو لقرينة المقابلة فيما بين الدابة والفأرة والكلب والطير لا العموم الموهوم، وإلا سهل علاجه بتطرق التخصيص، كما يعالج ذلك على الحمل على المعنى الثاني أيضا بالقياس إلى الثور، والحمل بالتخصيص حسبما اعترف به (قدس سره).
وتوهم كون الداعي إلى الفرق لزوم تخصيص الأكثر على التخصيص الأول دون الثاني، يدفعه: أن إخراج غير موضوع الحكم هنا ليس من باب التخصيص المصطلح، حيث لا عام في المقام، بل هو من باب تقييد المطلق وهو جائز كائنا ما كان.
وأما ثانيا: فلأن الحمل عليه يقضي بعدم تناول الحكم للبقرة، لعدم كونها بحسب العادة من جنس المركوب، والركوب عليها عند بعض الطوائف النادرة - على فرض تسليمه - غير مجد، بعد ملاحظة أن المطلق لا ينصرف إلى الأفراد النادرة، ويرد ذلك بعينه بالنسبة إلى الحمار والبقر الوحشيين مطلقا كما لا يخفى، مع أن ظاهر الجماعة بل صريح بعضهم عدم الفرق في الحكم المذكور بين الوحشي من الأنواع المذكورة وغيره.
وأما ثالثا: فلأن جعل اللام للعهد الذهني أيضا ممكن، مع عموم الحكم لجميع الأنواع المذكورة كما لا يخفى، ولا يبعد أخذ ورود السؤال بعنوان الوقوع قرينة على ذلك، بملاحظة أن الوقوع من عوارض الشخص دون الجنس والماهية.
وأما رابعا: فلأن ذلك بعد اللتيا والتي لا يجدي نفعا في ثبوت التحديد بالكرية،