الأحوال الثلاث المذكورة لمورد الاجتماع في كل من الجانبين، ضرورة أن الأخذ بالأكثر في كل من الجانبين أخذ بأقل الجانب الآخر لاندراج الأقل تحت الأكثر، بناء على أنه في مفاد أخبار المقدرات ليس مأخوذا بشرط عدم الزيادة، فمورد في كل من العامين باق على إطلاقه، فلا داعي إلى التخصيص لا بالنظر إلى أحد العامين ولا بالنظر إلى مورد اجتماعهما، هذا.
لكن الإنصاف: أن دعوى تناول أخبار المقدرات لصورة التغير على وجه يكون مفادها إعطاء حكم المقدر وكفايته مع التغير وعدمه في غاية الإشكال، بل هو عند التأمل الصادق في حيز المنع، بل الحكم في المقدرات يختص بغير حالة التغير.
أما أولا: فلأن كثيرا مما ورد له تقدير بالخصوص من النجاسات ليس صالحا لتغيير الماء كبول الفطيم وقطرة خمر أو بول وما أشبه ذلك، فكيف يكون حكمه لما يعم حالة التغير.
وأما ثانيا: فلأن من تتبع آثار تلك الديار وأنصف ملاحظا لمساق ما ورد في حكم المقدرات من الأخبار يجد جازما أن مفروض الأسئلة ومصب الأجوبة المنطبقة عليها إنما هو حيثية وقوع النجاسات التي ورد فيها المقدرات وملاقاتها البئر من غير نظر للسائل ولا المسؤول إلى حيثية التغير؛ بل يعلم أن مورد كل من السؤال والجواب إنما هو مجرد الوقوع والملاقاة لا هما أعم من التأثير في التغير وعدمه.
وأما ثالثا: فلأن ما عرفته في جملة من أخبار اعتبار إزالة التغير من استفصال المسؤول بين حالة التغير وحالة عدمها وتخصيصه المقدر بحالة العدم قرينة واضحة على أن الأجوبة الوارد في الأخبار المطلقة للمقدرات ليست على إطلاقها بحيث تشمل في الدلالة على كفاية المقدر كلتا حالتي التغير وغيرها، بل إنما هي مخصوصة بما عدا حالة التغير، ولا ينافيه التنبيه مع ذلك على عدم كفاية مثل الخمس والسبع والعشرين من المقدرات في تحقق الزوال عند قيام مقتضي اعتباره.
وأما رابعا: فلأن التقدير في المقدرات المطلقة لو كان مطلقا شاملا إطلاقه في الدلالة على كفاية المقدر في التطهير حالة التغير أيضا لقضى به ولو حصل استيفاء المقدر قبل زوال وهو ضروري البطلان، لا لما يقال: من أنه نظير ما إذا استوفى المقدر أو بعضه قبل إخراج عين النجاسة لأن بقاء التغير دليل بقاء العين، حتى يتوجه إليه المنع