أبي خديجة المروية في الاستبصار ما ينافيها.
ففي أولاهما: قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): العقرب تخرج من البئر ميتة؟ قال:
" استق عشرة دلاء " قال: فقلت: فغيرها من الجيف؟ فقال: " الجيف كلها سواء إلا جيفة قد أجيفت [فإن كانت جيفة قد أجيفت] فاستق منها مائة دلو، فإن غلب عليها الريح بعد مائة دلو فانزحها كلها " (1).
وفي ثانيتهما: قال: سئل عن الفأرة تقع في البئر؟ قال: " إذا ماتت ولم تنتن فأربعين دلوا، وإذا انتفخت فيه ونتنت نزح الماء كله " (2).
لكن يدفعهما: مع عدم صلوح الاولى بجهالة المنهال لمعارضة ما سبق، أنهما محمولان على ما لو توقف زوال التغير على نزح الجميع، كما يومئ إليه ما في الرواية الاولى من قوله (عليه السلام): " فإن غلب عليها الريح بعد مائة دلو " فإن التقييد ببعديته بالقياس إلى المقدر المذكور تقضي بأنه في الفرض تغير لا يزول بنزح ما عدا الجميع، مع إمكان حملهما على الاستحباب كيف وأنا في الرواية الثانية نحمل نزح الأربعين المقدر لغير صورة النتن بقرينة ما سبق على الاستحباب فكيف بنزح الجميع المقدر لصورة النتن، مع احتمال كون المراد بالبئر الواقع فيهما المصنع الذي لا مادة له ولا يزول تغيره إذا توقف على النزح إلا بنزح الجميع.
ومع الغض عن جميع ذلك فما تقدم من الأخبار تترجح عليهما لكثرتها وقوة دلالتها لسلامتها عما يوهنها من الاحتمالات المذكورة الجارية فيهما دونها.
هذا كله على القول المختار من عدم انفعال البئر بمجرد الملاقاة.
وأما على القول بالانفعال فاختلفت أقوالهم وتشتت آرائهم في تطهير المتغير، وهي على ما حكاه غير واحد تبلغ ثمانية:
أحدها: ما عن أبي الصلاح (3)، والشهيد في البيان، (4) وظاهر المفيد (5) من أنه ينزح حتى يزول التغير، وإطلاق هذا القول كما ترى يشمل ما لو كان للنجاسة المغيرة مقدر