معينة لا يمكن أن يناط بها زوال التغير في المتغير لعدم انضباطه وتعينه في عدد معين، وبالجملة فالذي يقتضيه التدبر اختصاص روايات التقدير بغير حالة التغير، فيبقى الروايات المتضمنة لحالة التغير في الدلالة على اعتبار إزالته سليمة عما يزاحمها من غير فرق في ذلك بين كون النجاسة المغيرة مما لم تقدر وغيره، أما الأول: فلما في جملة من تلك الأخبار من الاستفصال وأما الثاني: فلإطلاق صحيحة ابن بزيع.
فتحصل من جميع ما قررناه: أن الأقوى مما بين أقوال المسألة - بناء على القول بنجاسة البئر بالملاقاة - إنما هو القول المذكور، وهو اعتبار زوال التغير في تطهير البئر مطلقا عند التغير.
وثانيها: ما عن الصدوقين (1) والمرتضى (2) والشيخ (3) وعليه المحقق في الشرائع من أنه ينزح الجميع ومع التعذر فالتراوح، وعد الشيخ من أهل هذا القول بناء على القول بالنجاسة بمجرد الملاقاة ليس في محله، لما مر من أنه قائل بوجوب النزح تعبدا لا للنجاسة.
نعم، يصح ذلك ممن لا يخصص الاختلاف في تطهير المتغير بأهل القول بالنجاسة كالعلامة في المختلف.
وكيف كان فمستند هذا القول بالنسبة إلى نزح الجميع ما تقدم من الروايات القاضية به، المعارضة لما مر من أخبار اعتبار نزح المزيل للتغير، وقد يعلل بكون النجاسة الحاصلة بالتغير غير منصوص المقدر بناء على ظهور أخبار المقدرات في الاختصاص بغير صورة التغير، وبالنسبة إلى التراوح مع التعذر موثقة عمار الساباطي عن أبي عبد الله (عليه السلام) - في حديث طويل - قال: وسئل عن البئر وقع فيه كلب أو فأرة أو خنزير؟ [قال:] " تنزف كلها، ثم فإن غلب عليه الماء فلينزف يوما إلى الليل، ثم يقام عليها قوم يتراوحون اثنين اثنين، فينزفون يوما إلى الليل وقد طهرت " (4).
وفي كلام الشيخ في التهذيبين - بعد قوله (عليه السلام): " تنزف كلها " - يعني: إذا تغير لونه أو طعمه بدلالة ما تقدم من أربعين دلوا في هذه الأشياء، وقد يعلل بأنه قائم مقام نزح