أمر به، أو يأتي به لغرض آخر من تعليم أو تعلم أو تعود أو نحوه.
فإن أتى به على أنه من الشرع - أي لغرض الامتثال - مع اعتقاد أنه منه، الحاصل من الاجتهاد أو التعويل على ما أفاد له ذلك الاعتقاد من الطرق الغير الاجتهادية، فلا شبهة في خروجه عن موضوع التشريع، ولا قبح فيه ذاتا ولا عرضا إن لم نقل بأن فيه حسنا، بل ربما يقبح تركه في نظر العقل من جهة التجري.
وما عرفته عن ثاني الشهيدين (1) من اعتباره اعتقاد الشرعية في موضوع الحرمة التشريعية لابد من تنزيله إلى غير تلك الصورة بحمل الاعتقاد المذكور على قصد الشرعية - أي قصد امتثال المشروع بما ليس بمشروع مع اعتقاد المشروعية - ضرورة أن اعتقاد الشرعية على معناه الظاهر إن اعتبر مع اعتقاد عدم المشروعية أو الشك فيها فهو فرض محال، وإن اعتبر لا مع اعتقاده ولا الشك فيه فأي شئ يقضي بحرمته، و بأي وجه يدخل في التشريع المحرم، خصوصا إذا كان اعتقاد الشرعية حاصلا له بالاجتهاد، مع ملاحظة قولهم: " بأن المخطئ معذور ولا إثم عليه، بل له أجر واحد ".
وإن أتى به لرجاء المشروعية مع الشك فيها، فهو أيضا خارج عن عنوان التشريع جزما، بل العقل فيه مستقل بحسنه، وهذا هو معنى ما يقال: من أن الحرمة التشريعية لا تمنع عن الاحتياط.
وإن أتى به لغرض آخر معتقدا عدم مشروعيته فهو أيضا ليس من التشريع المحرم.
وإن أتى به على أنه مشروع مع اعتقاد عدم المشروعية فهو التشريع المحرم الذي يستقل العقل بقبحه، ودونه في القبح ما لو أتى به على أنه مشروع مع الشك في المشروعية، فإن الإتيان بغير المشروع أو ما يشك في مشروعيته بقصد الامتثال مما يعد في نظر العقلاء استهزاء، و ينبغي تنزيل إطلاق ما تقدم من الاحتجاج عن المدارك (2) و شرح القواعد (3) بل كل من فسر التشريع: " بإدخال ما ليس من الدين في الدين " إلى هاتين الصورتين.
ومما فصلناه تبين أن ما عرفت عن الخوانساري (4) من إطلاق منع كون الطهارة بالماء النجس من الإدخال المحرم ليس في محله.