زائد " (1)، و لا ريب أن هذه النواهي على تقدير بقائها على ظواهر لا تقضي إلا بالحرمة الذاتية، لأن الحرمة التشريعية لا تنعقد إلا بعد ما كان موضوعها - و هو كون موردها خارجا عن الشرع - محرزا، و لا يعلم به إلا من تلك النواهي على تقدير كونها لبيان الواقع، وإرشاد المكلف إلى مانعية النجاسة عن الصحة، وكون المأتي به المتضمن لها خارجا عن المأمور به.
ومن البين أن الحمل عليه لا يجامع الحمل على المعنى المتعارف، وإن كان الحمل على هذا المعنى يستلزم انعقاد موضوع التشريع، بناء على أن النهي مما يقتضى الفساد، لكن حكم التشريع لا يتأتى من هذا المعنى وإلا لزم الدور، لأن انعقاده متأخر عن انعقاد موضوعه، وهو متأخر عن انعقاد المعنى المتعارف، فلو كان ذلك المعنى هو حكم التشريع بعينه لزم تقدم الشئ على نفسه وأنه محال، فلا يبقى إلا أن الحرمة المستفادة منها هو الحرمة الذاتية.
ولكن يضعف هذا الاستدلال، واستفادة هذا المعنى من تلك النواهي، بملاحظة ما قررناه في بحث انفعال القليل من ظهورها بملاحظة المقام في إثبات شرطية الطهارة و مانعية النجاسة، على حد سائر النواهي المتعلقة بالعبادات والمعاملات على ما قررناه في محله، و صرح به هنا غير واحد من الأعاظم، ومحصل مفادها يرجع إلى دفع توهم الاجتزاء في الطهارة بالماء النجس، الناشئ عن توهم إطلاق الأوامر الواردة بالطهارات من الوضوء والغسل ونحوه، و معه فلا يستفاد منها إلا البطلان وعدم الإجزاء.
وأما الحرمة إن اريد بها الذاتية فلا دليل عليها ولا قائل بها أيضا، وإن اريد بها التشريعية فالحق - وفاقا للجماعة - ثبوتها بدليل العقل، الذي يستدعي بيانه التعرض لبيان تفصيل موضوعها، فنقول: إن المكلف إذا أتى بما ليس من الشرع - أي ما ليس من المأمور به المشروع له - فإما أن يأتي به باعتقاد أنه ليس من الشرع، أو يأتي به باعتقاد أنه من الشرع، أو يأتي به مع الشك في أنه من الشرع أم ليس من الشرع، و على الأخير فإما أن يأتي به لرجاء كونه من الشرع، أو يأتي به على أنه منه - أي يقصد أنه منه - كما أنه على الأول إما أن يأتي به بقصد أنه من الشرع ولغرض الامتثال بما