لأنه مبني على الاحتمال الأول والمفروض كونه مشغولا بالمعارض المساوي، إن لم نقل بكونه أقوى.
هذا مع أن هذه الأخبار متعارضة بنفسها، لتضمنها باختلافها تقديرات متعددة لنجاسة واحدة، بحيث لا يمكن الأخذ بكل من هذه التقديرات بعنوان أنه شرط، نظرا إلى أنه أمر واقعي والواقع لا يقبل الاختلاف، مع ما في أكثرها من القصور في أسانيدها، فلا تنهض دليلا على إثبات الحكم المخالف للأصل، فلابد من حملها على الاستحباب، لأنه الذي يتسامح في أدلته، و هو الذي لا يقبل الاختلاف بحسب مراتبه كما لا يخفى.
ثم إن النزح إن اعتبر مطهرا للبئر - على القول بالنجاسة، أو في صورة التغير - ففي سقوطه بقيام غيره مقامه مما هو مطهر لغيرها، من إلقاء الكر، أو إجراء الماء الجاري عليها، أو وقوع المطر عليها، نوع كلام بين الأصحاب يأتي التعرض له عند البحث عن المنزوحات، و أما على المختار من استحباب النزح، و على القول بوجوبه تعبدا، فمقتضي القاعدة عدم سقوطه بالغير ما دام صدق اسم البئر باقيا.
ولعله إلى ذلك يرجع ما فصله بعضهم من أن النزح لو كان للنجاسة فالظاهر حينئذ سقوطه، وإن كان للتعبد فإن حصل الامتزاج بالجاري أو الكثير فالظاهر أيضا السقوط، لأن النزح إنما تعلق به في حال البقاء على حقيقته، و عند الاستهلاك يصير في حكم المعدوم، وإن حصل الاتصال فالظاهر عدم السقوط لعدم خروجه عن حقيقته.
* * * * * * *