كما لا يخفى، بل لو كان هناك مفهوم فهو مفهوم موافقة، لمكان أولوية عدم البأس مع الفرض المذكور، وعلى كل تقدير فلا يدخل فيه حالة الاختيار إلا إذا اعتبر المفهوم بالنسبة إلى القيود المذكورة أيضا، وهو كما ترى خروج عن الاستناد إلى مفهوم الشرط.
وأما الأخيران: فلما تقرر عندنا من عدم حجية مفهوم الوصف، ولا يلزم بذلك خروج القيود المذكورة لغوا لظهور كون النكتة في اعتبارها هنا سبق السؤال عما يستلزمها، كما لا يخفى على المتأمل.
وفي ثاني الاعتراضين: منع تحقق الاستهلاك مع فرض القلة، على نحو لا يكون كافيا في الغسل.
نعم، يتجه أن يقال: إن المائين بعد صيرورتهما واحدا لا يصدق عليه المستعمل ولا غير المستعمل، بل هو مركب منهما، والمركب خارج عن كل منهما فيكون خارجا عن المتنازع فيه من هذه الجهة.
فتلخص من جميع ما ذكرنا: أن الرواية لا تعرض فيها لحالة الاختيار، وأما في حالة الضرورة فتدل على الجواز في المركب من المستعمل وغيره، وأما المستعمل الصرف فيبقى حكمه غير مستفاد من الرواية نفيا وإثباتا، ومن هنا يعلم أن ما في كلام غير واحد كصاحب الحدائق (1)، وصاحب المناهل (2)، كالعلامة في المختلف (3)، والشيخ في كتابي الحديث (4) - (5)، وغيرهما من التزام دلالتها على الجواز مطلقا في حالة الضرورة ليس في محله.
ثم إنه لو سلمنا دلالتها على المنع في حال الاختيار - كما توهم - فلا يثبت مطلوب المانعين على الإطلاق، بل غايته الدلالة على المنع عن استعمال المستعمل في طهارة في نفس تلك الطهارة لا في طهارة اخرى، كما لو غسل عضو من أعضاء الوضوء أو الغسل بما انفصل عن العضو الآخر، وهذه المسألة غير مذكورة في كلامهم، ولا أن عناوين المسألة المبحوث عنها شاملة لها، لكونها بين صريحة وظاهرة في إرادة