فتلخص من ذلك أن الأقرب حينئذ هو عدم الاكتفاء بالماء المفروض في الصورة المفروضة، تحكيما لتلك الأخبار المؤيدة بعمل الأخيار على القاعدة المشار إليها، ويؤيده ما قررناه في ذيل الكلام على رواية علي بن جعفر، المتقدمة في جملة الأخبار المستدل بها على طهورية المستعمل، ولكن على التقدير المتقدم إليه الإشارة.
فصار محصل مختارنا مع ضميمة ما قررناه الآن: أن المستعمل في الحدث الأكبر لا يزول عنه الطهورية، إلا ما لو استعمل في بعض أعضاء الطهارة فاريد استعماله في العضو الآخر من تلك الطهارة، فإنه غير جائز لدليله الخاص الذي لولاه لكان الجواز ظاهر الثبوت.
وسادسها: إذا اجتمعت المياه المستعملة حتى بلغت كرا وما زاد، لم يزل المنع على القول به، وفاقا لمحكي المعتبر (1)، وخلافا للمبسوط (2)، والمنتهى (3)، وعن الخلاف: أنه تردد فيه (4).
لنا: ما احتج به المعتبر: " بأن ثبوت المنع معلوم شرعا، فيتوقف ارتفاعه على وجود الدلالة، وهي مفقودة " (5).
واحتج العلامة: " بأن بلوغ الكرية موجب لعدم انفعال الماء عن الملاقي، وما ذلك إلا لقوته، فكيف يبقى انفعاله عن ارتفاع الحدث الذي لو كان نجاسة لكانت تقديرية " (6).
وفيه: أن بلوغ الكرية إن اريد به سبق الكرية على الملاقاة فالمقدمة الاولى مسلمة، ولكن المقام ليس منها، وإن اريد به لحوق الكرية بها فالمقدمة الاولى ممنوعة، فضلا عن المقدمة الثانية.
وعن الشيخ في الخلاف (7) في منشأ التردد: " أنه ثبت فيه المنع قبل أن يبلغ كرا، فيحتاج في جواز استعماله بعد البلوغ إلى دليل، ومن دلالة الآيات والأخبار على طهارة الماء، خرج عنه الناقص عن الكر بدليل، فيبقى ما عداه، وقولهم:: " إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا " (8).