ويتوضأ منها؟ فقال: وكم قدر الماء؟ قلت إلى نصف الساق وإلى الركبة، فقال: " توضأ منه " (١) والاستدلال بها كما ترى في غاية الوهن، وإلا لدلت على عدم انفعال القليل بملاقاة النجاسة أيضا وهو كما ترى مما لا يرضى به المستدل لكونها محمولة عنده على بلوغ الكرية ولذا تعد من أخبار الكر وتذكر ثمة.
و منها: صحيحة الفضيل قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن الجنب يغتسل فينتضح الماء من الأرض في الإناء؟ فقال: لا بأس، وهذا مما قال الله تعالى (ما جعل عليكم في الدين من حرج) ﴿٢﴾ (3) و قد تبين آنفا ضعف الاستدلال بها، وأضعف منه الاستدلال بصحيحة محمد بن مسلم، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الحمام يغتسل فيه الجنب وغيره أغتسل من مائه قال " نعم: لا بأس أن يغتسل منه الجنب " (4).
حجة المانعين وجوه:
الأول: أن السلف قد استمرت عادتهم بعدم جمع الماء المفروض، وليس ذلك إلا لكونه غير رافع للحدث الأكبر، وهو كما ترى أوهن من بيوت العنكبوت، لما عن الذكرى من " أن السر في ذلك ندور الحاجة إليه " (5) مع أن عادتهم كما استمرت بعدم جمعه لرفع الحدث الأكبر، فكذلك استمرت بعدم جمعه لإزالة الخبث به ولاستعمال آخر، مع جواز كل ذلك عندكم.
والثاني: ما عن الشيخ (رحمه الله): من أن الإنسان مكلف بالطهارة بالمتيقن، طهارة المقطوع على استباحة الصلاة باستعماله، والمستعمل في غسل الجنابة ليس كذلك، لأنه مشكوك فيه فلا يخرج عن العمل باستعماله، ولا معنى لعدم الإجزاء إلا ذلك (6).
وأجاب عنه العلامة في المنتهى: " بأن الشك إما أن يقع في كونه طاهرا وهو باطل عند الشيخ، أو في كونه مطهرا وهو أيضا باطل، فإنه حكم تابع لطهارة الماء وإطلاقه وقد حصلا، فأي شك هاهنا " (7) وهو في غاية الجودة.