عن انحدارها ولا بطؤ انحدارها إلى الماء، بل له مزيد مدخل في استعداد الأرض، لإفادتها إياها سرعة الانحدار إليه، كما تنبه عليه ابن إدريس (1) فيما حكي عنه.
وأما الثاني - الذي أفاده صاحب المدارك (2) - فيأباه اعتبار كون النضح على الجهات الأربع، ضرورة أن ذلك حكمة تتأتى بأي نحو اتفق النضح، مع أن النجاسة المتوهمة إن كان لها حقيقة فلا ترتفع بذلك بالضرورة، وإن لم يكن لها حقيقة أصلا - أي في شئ من المواد - فلا يترتب عليه فائدة، وعلى التقديرين فلا مورد للاحتياط الذي كان الأمر بالنضح إرشادا إليه، نظرا إلى الحكمة المذكورة، ضرورة أن طريق الاحتياط لابد وأن يكون ملزوما للتحرز عن المفسدة المحتملة، ولذا تراه موجبا لتيقن البراءة في موارد جريانه.
وبهذا كله يتبين فساد الثالث - المحكي عن بعضهم - من أنه لأجل النجاسة الوهمية التي في الأرض، فإن هذا الوهم إن كان له حقيقة فالرش لا يجدي نفعا في زوال المقتضي، بل ربما يوجب تضاعفه كما لا يخفى، وإلا كان لغوا.
وأما الرابع: فهو أوضح فسادا من الجميع، أما أولا: فلأن بيان طريق رفع هذا الاستقذار ليس من وظيفة الشارع لكونه من الامور البينة، وأما ثانيا: فلأنه لا يقتضي اعتبار الكيفية المذكورة في الروايات، بل يتأتى بالنضح كيفما اتفق.
فإن قلت: ما ذكرته في إبطال الوجه الثاني والثالث مما يرد على ما استظهرته من الحكمة، لأن احتمال مباشرة السباع للماء إن كان له واقع، فإزالة أثر أقدامهن برش الأرض، مما لا يجدي حينئذ في ارتفاع هذه الجهة التي هي المانعة عن الاستعمال.
قلت: النجاسة في تأثيرها في المنع معلقة على العلم بها أو بتحقق سببها، ورش الأرض لإزالة أثر أقدام السباع حيلة اعتبرها الشارع طريقا إلى عدم اتفاق حصول العلم بتحقق سبب النجاسة، إذ بدونه ربما يحصل العلم به ولو بملاحظة العادة، وأما معه فينعدم ما هو طريق العلم، وبذلك أمكن أخذ تلك الروايات من أدلة اعتبار العلم في النجاسات، بخلاف الوجهين المذكورين، فإن هذا الكلام مما لا يجري فيهما جزما، لاشتراك صورتي الرش وعدمه في عدم العلم بالنجاسة كما لا يخفى، فمناط سقوط أحكام النجاسة حاصل على كلا التقديرين، فإما أن يقال حينئذ: بأن النضح معتبر بلا