ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام - السيد علي الموسوي القزويني - ج ١ - الصفحة ٣٤٦
بها على عدم انفعال القليل بالملاقاة، ولا طهارة الغسالة على الإطلاق، وإلى هذا المعنى - من دعوى إجمال العلة - أشرنا في بحث انفعال القليل.
ومنها: ما ورد في بول الصبي من الروايات الآمرة بصب الماء عليه (1).
وأجاب عنه الاستاذ دام ظله: " بأنها لا تدل على طهارة غسالته المنفصلة، ونحن لا نقول أيضا بنجاسة ما لا يلزم انفصاله عن المحل " (2) وهو أيضا في غاية الجودة كما لا يخفى.
ومنها: ما ورد في غسالة الحمام التي لا تنفك عادة عن الماء المستعمل في إزالة النجاسة، كمرسلة أبي يحيى الواسطي عن بعض أصحابنا، عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام) قال:
" سئل عن مجتمع الماء في الحمام من غسالة الناس تصيب الثوب؟ قال: لا بأس به " (3).
وفيه: أن غسالة الحمام بنفسها عنوان آخر، ولهم فيه كلام آخر يأتي إيراده، ولعل البناء فيها على الطهارة، فلا مدخل لها في محل البحث، على أن الكلام في غسالة الحمام - على ما يأتي بيانه - فيما لم يعلم بملاقاة النجاسة ولا بعدم ملاقاته.
ودعوى: أن الغالب فيها إزالة الخبث بها، فيحمل الرواية على الغالب.
يدفعها: المعارضة بأن الغالب فيها أيضا ملاقاة نجس العين من أصناف الكفار، من المجوسي والنصراني واليهودي، وغيرها من أنواع النجاسات كالبول والمني، الحاصل ملاقاتهما من غير جهة الإزالة ليكون من محل البحث، فلو بنى على حملها على الغالب لكان ذلك من جملة المحمول عليه، ولازمه عدم انفعال القليل رأسا، ولا يقول به المستدل، ومع قيام الأدلة على الانفعال فلابد من حمل الرواية على ما لا ينافيها، وهو مورد النادر. ودعوى: أن النادر ما لم يلاق نجس العين ليست بأولى من دعوى: أن النادر ما لم يستعمل في إزالة الخبث، أو ما لم يلاق نجس العين ولم يستعمل في إزالة الخبث.
ومنها: رواية الذنوب (4) الواردة في أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بتطهير المسجد من بول الأعرابي

(١) انظر الوسائل ٣: ٣٩٧ روايات ب ٣ من أبواب النجاسات.
(٢) كتاب الطهارة - للشيخ الأنصاري (رحمه الله) - ١: ٣٣٣.
(٣) الوسائل ١: ٢١٣ ب ٩ من أبواب الماء المضاف والمستعمل ح ٩ - الكافي ٣: ١٥ / ٤.
(٤) وهي ما رواه أبو هريرة قال: دخل أعرابي المسجد فقال: اللهم ارحمني وارحم محمدا ولا ترحم معنا أحدا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " لقد تحجرت واسعا " قال: فما لبث أن بال في ناحية المسجد، فكأنهم عجلوا إليه، فنهاهم النبي (صلى الله عليه وآله) ثم أمر بذنوب من ماء فاهريق، ثم قال:
" علموا ويسروا ولا تعسروا " - سنن ابن ماجة ١: ١٧٦ ح ٥٢٩، ٥٣٠ - سنن الترمذي ١: ٢٧٥ ح ١٤٧، ١٤٨؛ سنن أبي داود ١: ١٠٣ ح 380، 381 - الذنوب: الدلو العظيم. لا يقال لها: " ذنوب " إلا وفيها ماء. مجمع البحرين؛ مادة " ذنب " 2: 60.
(٣٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 ... » »»
الفهرست