وفيه: أن مبنى عمل القائلين بالنجاسة في الموارد المذكورة إنما هو على المصاديق العرفية، ومع كونه ميزانا في المقام ارتفع الإشكال بحذافيره، ودعوى: أن اعتبار العرف مما لا أثر له، من أبعد الأشياء التي تذكر في المقام، كيف وأن مسميات الموضوعات مما لا يعرف إلا بمراجعة العرف، ونظيره في المسائل الفرعية فوق حد الإحصاء، ألا ترى أنه في مسألة الخليطين بالنسبة إلى غسل الميت يقتصر فيهما على المسمى العرفي، وفي مسألة السجود على الأرض مثلا يعتبر ما يصدق عليه الاسم عرفا، وكذلك الكلام في الطهورين وغيرهما.
وبالجملة: المتتبع في الشرعيات يقطع بأن المناط في موضوعات الأحكام إذا كانت لغوية إنما هو الصدق العرفي، فكذا المقام ومعه لا عسر ولا حرج، و على فرض تسليمهما بالقياس إلى بعض ما ذكر، فهما إنما يسقطان التكليف دون الوضع، فلا يجب التحرز لا أنه لا نجاسة.
ومنها: جملة من الروايات الجزئية التي أخذها بعضهم دليلا من جانب القائلين بالطهارة، وستسمعها مع ما يدفعها.
وقد يجاب عن أصل الحجة: بإبداء المعارضة بمثلها، فيقال: بأنه لو كانت الغسالة طاهرة لجاز التطهر بها من الحدث، لأن التفكيك بينهما يوجب التقييد في إطلاق ما دل على جواز رفع الحدث بالماء الطاهر، خرج ماء الاستنجاء عنه كما خرج أحجار الاستنجاء عن الحجة المذكورة.
وحاصل المعارضة: أن هذا الماء قد جمع بين ما هو لازم للطهارة - إلا ما خرج - وهو تطهير، وما هو للنجاسة - إلا ما خرج - وهو عدم جواز رفع الحدث به ثانيا، فأدلة الملازمتين متعارضة، وأقصى ما يلزم من هذه المعارضة التوقف، أو الحكم بالتساقط، فيبقى عمومات انفعال القليل سليمة عن المعارض.
إلا أن يقال - بعد تسليم عموم أدلة الملازمة الاولى، أعني ما دل على الملازمة بين طهارة الماء والتطهير به -: كما أنها معارضة بأدلة الملازمة الثانية - أعني الإطلاقات المذكورة القاضية بالملازمة فيما بين عدم جواز رفع الحدث بالماء ونجاسته - كذلك معارضة بأدلة انفعال القليل، والتعارض بين الكل إنما هو بالعموم من وجه، فيجب