وثالثا: منع منافاة نجاسة المركن بالغسلة الاولى لطهر الثوب بالغسلة الثانية، إذا وقعت عليه مستكملة بإخراج الغسالة عنه بعد رفعه عن المركن، والنجاسة الحاصلة فيه بالغسلة الاولى لا تزيد على نجاسة البلة الباقية في الثوب عن الاولى، ولا على نجاسة اليد المباشرة له في الغسل، وكما أنهما لا تؤثران في تنجس الثوب ثانيا، ولا تنافيان طهره باستعمال الغسل الشرعي، فكذلك نجاسة المركن، لأن الجميع من واد واحد، ودعوى، كون ما فيه قادحا دون ما في البلة واليد تحكم، ومن هنا ترى أن العلامة (1) أفتى بموجب تلك الرواية، وحكم بأن الثوب يخرج طاهرا والمركن وما فيه يكون نجسا، مع احتمال طهر المركن بالتبعية إذا أفرغ منه الغسالة كاليد المباشرة.
ومنها: رواية إبراهيم بن عبد الحميد قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الثوب يصيبه البول فينفذ إلى الجانب الآخر، وعن الفرو وما فيه من الحشو؟ قال: " اغسل ما أصاب منه، ومس الجانب الآخر، فإن أصبت شيئا منه فاغسله، وإلا فانضحه " (2). وتقريب الدلالة فيها - على ما أشار إليه في الحدائق: " أنه لو تنجس الماء الوارد بالملاقاة لكان النضح سببا لزيادة المحذور، فكيف يؤمر به " (3).
وفيه: مع أنه لو تم لقضى بعدم انفعال الماء في صورة وروده على النجاسة، وإن لم يكن في مقام الغسل والإزالة ليدخل في عنوان " الغسالة "، ضرورة، أن النضح ليس بغسل، والمستدل ممن لا يقول به أنه خارج عن المتنازع فيه، إذ النضح إنما يكلف به في موضع عدم إصابة شئ من البول، فلم يعلم ملاقاته للنجاسة، وعدم العلم بالملاقاة كاف في الحكم بعدم النجاسة، فالنضح حينئذ إما تعبد صرف يكلف به في موضع الاحتمال، أو أن الأمر به في الرواية مبالغة في الحكم بعدم النجاسة مع عدم العلم بها بعد التحري والفحص.
وحاصله: إفادة أن احتمال النجاسة في عدم اقتضاء الغسل أو وجوب الاجتناب بحيث يجوز معه مباشرة المحل وملاقاته بالرطوبة، وإن شئت فانضح موضع الاحتمال،