- فهو غير معلوم الشمول للأدلة النافية له فهو غير منفي حينئذ، ولو اريد به ما ينشأ من التكليف الإلزامي الإلهي فيرتفع بالعفو عنه والرخصة في مباشرته، وهو مما لا ينكره الخصم، والمفروض عدم حصول البلوى باستعماله في التطهير ليلزم العسر، بل العذر على تقدير نجاسته لتوقف التطهير على الطهارة، ومجرد المباشرة بالثوب والبدن لا يقتضي أزيد من العفو والرخصة، وإلى ذلك أشار المحقق الخوانساري في دفع الاحتجاج، قائلا: " بأن الحرج على تقدير تسليمه يرتفع بالعفو، ولا يتوقف على طهارته، إذ لا حرج في عدم جواز استعماله في رفع الخبث والتناول " (1) وتبعه على ذلك غير واحد من الأصحاب.
ومنها: ما تكرر الاحتجاج به في كلام الأصحاب من الأخبار المتقدم بيانها، وهي الحجة التي لا محيص عنها في المسألة، لوضوح دلالتها ولا سيما الأول منها، وهو خبر عبد الكريم على الطهارة.
والمناقشة في ذلك بما يظهر من شرح الدروس: " بأن نفي البأس الوارد في أكثر تلك الأخبار أعم من الطهارة والعفو، فلا قضاء له بالطهارة " (2) - وتبعه في تلك الدعوى صاحب الحدائق (3) - وكذا الحال في رواية عبد الكريم، فإن عدم تنجيسه الثوب لا يستلزم طهارته، إذ كونه معفوا عنه مطلقا أيضا يستلزم ذلك.
والجواب: أما عن المناقشة في خبر عبد الكريم، فبأن الاستلزام إن اريد به العقلي فانتفاؤه مسلم، ولكن اعتباره في الشرعيات بل ودلالة الألفاظ ليس بلازم، وإن اريد به غيره شرعيا أو عرفيا فهو موجود بكلا قسميه.
أما الأول: فلأن المعلوم من طريقة الشارع المركوز في أذهان المتشرعة أن ملاقاة النجس إذا قارنت شرائط التأثير توجب النجاسة في الملاقي أيضا، إلا في مواضع مخصوصة خرجت بالدليل، وإنكاره مكابرة لا يلتفت إليها.
وأما الثاني: فلأن المنساق من قوله: " لا ينجس " جوابا لمن قال: " هل ينجس ذلك بذلك الشئ " في العرف والعادة إنما هو انتفاء النجاسة من الشئ الثاني، وإن كان