وثالثها: ما هو معنون بعنوان الملاقاة للنجاسة.
ومفاد كل واحد منها بعد الجمع بين مناطيقها ومفاهيمها ينحل إلى قضيتين: موجبة وسالبة.
فمن الأول: الماء المتغير بالنجاسة نجس، والماء الغير المتغير بالنجاسة ليس بنجس.
ومن الثاني: الكر من الماء لا ينجس بملاقاة النجاسة، وما دون الكر منه ينجس بملاقاة النجاسة.
ومن الثالث: الماء الملاقي للنجاسة ينجس بالملاقاة، والغير الملاقي لها لا ينجس.
وإذا أردنا ملاحظة النسبة بين كل واحد من تلك القضايا الستة مع الاخرى يرتقي صور المسألة إلى خمسة عشر، كما يظهر بأدنى تأمل. إلا أنه لا يتحقق معارضة في البين إلا في أربع منها:
أحدها: قولنا: الماء المتغير بالنجاسة ينجس بالتغير، والكر من الماء لا ينجس بالملاقاة.
وثانيها: الماء الغير المتغير بالنجاسة لا ينجس بالملاقاة، وما دون الكر من الماء ينجس بالملاقاة.
وثالثها: الماء الغير المتغير بالنجاسة لا ينجس بالملاقاة، والماء الملاقي للنجاسة ينجس بالملاقاة.
ورابعها: الكر من الماء لا ينجس بملاقاة النجاسة، والماء الملاقي للنجاسة ينجس بالملاقاة.
والنسبة في الصورتين الاوليين عموم من وجه، وفي الأخيرتين عموم وخصوص مطلق، كما لا يخفى على المتأمل.
وقاعدتهم في تعارض العامين من وجه، وفي تعارض الخاص والعام وإن كانت تقتضي الرجوع إلى وجوه الترجيح في الاوليين، وتقديم الخاص على العام في الأخيرتين، إلا إنا نراهم أنهم في الاولى من الاوليين يحكمون عموم التغير على عموم الكر من غير تأمل ولا خلاف، وفي الثانية منهما يحكمون عموم ما دون الكر على عموم عدم التغير، وفي الاولى من الأخيرتين يقدمون العام على الخاص، فلا يفرقون في نجاسة ما دون الكر بين صورتي التغير وعدمها، وليس ذلك إلا من جهة أنهم عثروا