الوجوه لزم الثاني؛ لأنه إذا باشره بيده ثم باشر به ماء قليلا - ولم يمنع من الوضوء به - كان طاهرا لا محالة، وإلا وجب المنع من مباشرة نحو ماء الوضوء به إذا كان قليلا، فلا يكون العفو مطلقا، وهو خلاف ما ظهر من الخبر وكلام الأصحاب " (1).
كما أنه إلى ذلك - مضافا إلى ما قررناه في وجه الاستدلال بخبر عبد الكريم - ينظر ما قيل من أن كونه معفوا عنه مطلقا مع نجاسته يستلزم نجاسة ما يلاقيه، غايته أنه يكون أيضا معفوا عنه، فحيث حكم بعدم تنجيسه الثوب ظهر أنه ليس بنجس.
وكذا الكلام في رواية الأحول، بأن يقال: نجاسة الماء تستلزم وجوب إزالته عن الثوب والبدن، ووجود البأس فيه، فحيث نفي البأس عنه يثبت طهارته، فإن الظاهر أن إفراد استلزام نجاسته نجاسة ما يلاقيه ووجوب إزالته عن الثوب والبدن بالذكر إنما هو من باب المثال، إذ كل أحد ممن له أدنى معرفة بتفاصيل الشرع يعلم أن النجاسة كما يقتضي الامور المذكورة، فكذا تقتضي امورا اخر مما أشرنا إليها سابقا ومما لم نشر، كاقتضائها المنع عن رفع الحدث وإزالة الخبث بذلك الماء، خصوصا إذا اعتبرناه معتصرا عن الثوب الملاقي له، فحيث نفي نجاسة الثوب به ونفي البأس عنه على الإطلاق يدل على طهارته، لأن نفي اللوازم يستدعي نفي الملزوم.
فما ذكره الخوانساري في شرحه للدروس في دفع ما قيل - من " أن الاستلزام ممنوع، وغاية ما يتمسك به في اقتضاء النجاسة هذه الامور الإجماع، وهو فيما نحن فيه مفقود " (2) - ليس على ما ينبغي، فإن غاية ما فقد فيه الإجماع من اللوازم إنما هو وجوب إزالة هذا الماء عن الثوب والبدن، كما هو مفاد القول بالعفو، وأما سائر اللوازم فلا خلاف عندهم في وجودها على تقدير ثبوت العفو، والمفروض أن الروايتين دلتا بعمومهما على انتفاء اللوازم بأسرها، ومعه لا مناص عن القول بالطهارة، فالكلام المذكور عن المحقق من الامور العجيبة.
وأعجب منه ما ذكره عقيب الكلام المذكور، من: " أنه ولو فرض تحقق عمومات دالة على ذلك، نقول: الروايات في بحث القليل تدل على نجاسة هذا الماء أيضا عند من يقول بعمومها كالمحقق وأضرابه، والنجاسة كما تقتضي الأشياء التي ذكرتم، كذلك