البختري وعبد الله بن محمد الأسدي ويوسف بن الحرث، إلا أن الإطلاق ينصرف إلى أحد الأولين لكونه فيهما أشهر، فلا يقدح ما في الأخير من التصريح بالضعف، ولا ما في سابقه من أنه لم يذكر بمدح ولا قدح، ورواية ابن مسكان عنه مما يعين كونه الليث، لأنه من يروي عنه جماعة منهم ابن مسكان فيكون ثقة جليلا، فلا يقدح اختلاف كلماتهم في يحيى بن القاسم، فيما بين ما يقضي بكونه الثقة، وما يقضي بكونه غيره ممن يرمى تارة بالوقف، واخرى بفساد المذهب، وثالثة بغيره من صفات الذم، فالسند حينئذ لا بأس به إن شاء الله.
والجواب عن الثاني: أعني المناقشة في دلالة الرواية بمنع خلوها عن تحديد العمق، بناء على ما في الكافي والوسائل كما في كلام أكثر الأصحاب المتصدين لذكر تلك الرواية في كتبهم الفقهية من ورود " النصف " مرفوعا، عطفا على محل " ثلاثة " على أنه خبر ل " لكان " والظرف نعت أوحال له كما هو الأصح، بل الرواية حينئذ متكفلة لتحديد كل واحد من الأبعاد الثلاث، أما تحديد واحد من العرض أو العمق (1) فلصريح قوله (عليه السلام):
" إذا كان الماء ثلاثة أشبار ونصف " (2) وأما تحديد البعد الآخر منهما فلكونه مرادا من لفظة " مثله "، ضرورة أن المماثلة بينه وبين الثلاثة والنصف مما لا يصدق إلا على تقدير المساواة في ذلك المقدار، ولا ينافيها الظرفية ضرورة أن البعدين مما يصدق على كل واحد منهما إذا تساويا أنه كائن في مثله، أو حاصل فيه لانتشار كل في الآخر ولزومه له.
وأما تحديد العمق، فلقوله: " ثلاثة أشبار ونصف في عمقه " أي حاصلا وكائنا فيه، على أن يكون عطفا على ما ذكر أولا، على حد الخبر بعد الخبر بإسقاط العاطف، كما في " هذا حلو حامض " وإنما عبر هاهنا بالعمق دون المثل إذ لم يبق - بعد ما اعتبر المماثلة بين البعدين الأولين، وعبر عنها بالمثل - في مقابل البعد الآخر شئ آخر ليعتبر المماثلة بينهما أيضا ويعبر عنها بالمثل.
وإنما عطف فيما بين الخبرين بإسقاط العاطف لكونهما من جهة التداخل وانتشار كل في الآخر بمنزلة خبر واحد كما في المثال، ولا يصغى حينئذ إلى احتمال كون هذا المذكور بدلا عن المثل، وليس في الكلام ما يساعد عليه - والبدلية بنفسها على خلاف الأصل