وأما خامسا: فلأن محمد بن يحيى يكثر الرواية عن أحمد بن محمد غاية الإكثار، كما يظهر بالتتبع، ومن البعيد في الغاية أن يكون الذي يروي عنه مجهولا غير مذكور في الرجال، كيف ولم يوجد ممن ذكر فيه بعنوان " أحمد بن محمد بن يحيى " إلا رجلان يروي عنهما التلعكبري، أحدهما: أحمد بن محمد بن يحيى العطار القمي، وثانيهما: أحمد بن محمد بن يحيى الفارسي المكنى بأبي علي، ومن الممتنع أن يكون محمد بن يحيى راويا عنهما.
أما الأول: فلأنه ابنه، وأما الثاني: فلأنه من أهل طبقة الأول، كما يشهد به رواية التلعكبري عنهما، فيكون متأخرا عن الراوي.
هذا مع ما عن التعليقة (1) من احتمال اتحاده مع الأول بملاحظة رواية التلعكبري عنه مع ملاحظة الطبقة والكنية، وإن كان ذلك بعيدا في الغاية، لما قيل (2) في ترجمة الأول من أن التلعكبري سمع منه سنة ست وخمسين وثلاثمائة، وله منه إجازة، وفي ترجمة الثاني من أنه سمع منه سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة وخرج إلى قزوين وليس له منه إجازة، ومن هنا ينبغي الجزم بابتناء ما في تهذيب الشيخ من التقييد بابن يحيى من الغلطية أو التصحيف.
ومما يرشد أيضا إلى صدق مقالتنا ما عن التعليقة (3) في ترجمة عثمان بن عيسى من إكثار الأجلاء الثقات الرواية عنه، وعد منهم أحمد بن محمد بن عيسى، ونحوه ما عن مشتركات (4).
وأما عثمان بن عيسى فبعض ما تقدم فيه من الامور الرافعة للقدح من جهته محل تأمل عندنا، فإن الظاهر أن دعوى الإجماع عن الشيخ في العدة (5) على العمل برواياته سهو، إذ لم ينقل عن الشيخ إلا قوله: " إن الأصحاب يعملون بأخباره "، وهو كما ترى لا يدل على ما ذكر - كما قرر في محله، نعم فيه نحو إشعار ربما يمكن تأييد الأمارة الدالة على الوثاقة به، أو أخذ المجموع منه ومن نظائره المذكورة في المقام أمارة عليها،