شئ؟ قال: " كر "، قلت: وما الكر؟ قال: " ثلاثة أشبار في ثلاثة أشبار " (1) مع اختلاف في أسانيدها حيث إن الشيخ رواها أولا في التهذيب (2) عن شيخه المفيد (رحمه الله) عن أحمد بن محمد عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن محمد بن خالد عن محمد بن سنان عن إسماعيل بن جابر، ثم رواها عقيب ذلك بقليل (3) بطريق آخر فيه عبد الله بن سنان بدل محمد بن سنان، ومثله ما في الاستبصار (4)، وقيل إن الأول صواب، وفي الكافي (5) رواها بطريق آخر موصوف بالصحة، فيه البرقي عن ابن سنان من غير تعيين.
ثم إن ما ذكروه في تلك الرواية أيضا من المناقشة فيها سندا - باعتبار ما في الطرق المذكورة من الاضطراب والاختلاف في بعض رجاله حسبما عرفت - ودلالة باعتبار عدم اشتمالها على تحديد جميع الأبعاد، ومن النقوض و الإبرامات في دفع المناقشة المذكورة مما لا يخفى على المتتبع والناظر في كتب الأصحاب ولا يهمنا التعرض لإيراد جميع ما ذكروه في هذا الباب، بعد البناء على عدم الاستناد إلى تلك الرواية، بل المهم التعرض لنفي صلوحها للمعارضة للرواية المتقدمة التي أخذناها حجة على المذهب المشهور الذي صرنا إليه، إذ بدونه لا يتم الاحتجاج ولا ينقطع العذر.
فنقول: إن توهم المعارضة فيما بين الروايتين إما أن يكون بين منطوقيهما، بدعوى:
أن الرواية بمنطوقها يدل على انحصار الكرية في ثلاثة أشبار ونصف، والثانية تدل بمنطوقها على انحصارها في ثلاثة أشبار، فيرجع المعارضة إلى المعارضة فيما بين الزائد والناقص.
أو يكون بين مفهوم كل ومنطوق الاخرى، بدعوى: أن الاولى تدل بمفهومها على نفي الكرية عن أقل من ثلاثة أشبار ونصف كائنا ما كان، والثانية تدل بمفهومها على نفيها عما عدا ثلاثة أشبار كائنا ما كان، ولا سبيل إلى شئ منهما، بل الرواية الاولى سليمة عن المعارض على كل تقدير، أو أن الرجحان في جانبها على فرض تسليم المعارضة.
أما على التقدير الأول فأولا: لأن الثانية يحتمل فيها مما يوجب الوهن في دلالتها ما لا يحتمل في الاولى، من قوة احتمال سقوط لفظة " النصف " فيها عن متن الحديث بخلاف الاولى، إذ ليس فيها إلا احتمال زيادة تلك اللفظة وهو إما مقطوع بعدمه، أو أنه