لأولوية الإفادة وظهور خلافها - حتى يكون ذلك منشأ للشبهة، وتوهم عدم تمامية الدلالة.
نعم إنما يقوي هذا الاحتمال بناء على كون " النصف " في الفقرة الاولى منصوبا عطفا على لفظ " ثلاثة " كما في التهذيب والاستبصار وكلام بعض الأصحاب كالمدارك ومختلف العلامة، نظرا إلى أن التفكيك بينه وبين ما ذكر في الفقرة الثانية بإيراده غير منصوب ربما يدخل في الوهم كونه مجرورا عطفا على ثلاثة، ولا يكونان كذلك إلا إذا اعتبر كونهما تابعين لمثله المجرور على سبيل البدلية، وحينئذ يتوجه الإشكال من حيث قصور الرواية على هذا التوجيه عن إفادة تحديد العمق.
وفيه: مع - أن تقدير الجر ليس بلازم حينئذ، بل يجوز الرفع فيهما عطفين على الفقرة الاولى، على طريقة العطف على المحل ليكونا خبرين أيضا، على حد الخبر بعد الخبر بإسقاط العاطف - أن الظاهر كون ما في التهذيب والاستبصار وغيرهما مبنيا على سهو الناسخ أو تصرف الشيخ وغيره، بجعل اللفظ المذكور منصوبا بتوهم أن ما في الكافي وارد على خلاف القانون النحوي، نظرا إلى أن الشيخ إنما أخذ الرواية فيهما عن الكافي بقرينة طريقه المشتمل على الكليني، وأما غيره كالعلامة وصاحب المدارك فقد أخذها منه بعد تطرق التغيير المذكور، أو من الكافي فتصرفا فيها مثل ما تصرف فيها الشيخ، وإلا فأصل الرواية في الكافي قد وردت على ما حكيناه عنه، بشهادة ورود ما في كلام أكثر الأصحاب موافقا له مع تصريحاتهم بأخذ الرواية عنه، مضافا إلى ما في الوسائل المروي عن الكافي أيضا بقرينة الطريق المذكور فيه محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى إلى آخر السند المتقدم.
وبجميع ما ذكرناه في توجيه الاستدلال تبين لك امور:
منها: عدم الحاجة إلى أن يجاب عن الإشكال (1) " بأن هذه الأخبار كلها مشتركة في عدم عد الأبعاد الثلاثة بأجمعها، ولم نجد رادا لها من هذه الجهة، بل ظاهر الأصحاب قديما وحديثا الاتفاق على قبولها، وتقدير البعد الثالث فيها لدلالة سوق الكلام عليه، وكأن ذلك كان شائعا كثيرا في استعمالاتهم وجاريا دائما في محاوراتهم " (2) إلخ.