الرسول الأعظم أعرض عن تحديد القائد الذي يقود مسيرة الاسلام من بعده وتركها مبهمة غامضة اعتمادا على اختيار المسلمين أنفسهم يفعلوا كيف يشاؤون؟!
* * * وهل كان الرسول (صلى الله عليه وآله) يعتقد بأن المسلمين وصلوا إلى حد من الوعي والمعرفة بحيث لا يحتاجون إلى أن يعين لهم إماما من بعده وأن الناس بأنفسهم سوف يختارون الفرد الأصلح من بينهم ويفوضون أمورهم إليه؟ وأنهم لا يحتاجون إلى وضع قاعدة وخطة (على الأقل كالتي وضعها الخليفة الثاني قبل موته) لاختيار الخليفة من بعده، وأن الوعي السياسي قد وصل بالمسلمين آنذاك إلى درجة جعلهم يعملون بوظائفهم بالشكل المطلوب دون أن يقعوا في محذور أو خطأ؟
لو كان الأمر كذلك فحينئذ نسأل بجد وإلحاح: إذن ما الذي حدث خلال السنوات التي حكم فيها الخليفة الأول وأي مشاكل جديدة طرأت على الساحة بحيث تبدل ذلك الوعي السياسي المتصاعد إلى حالة من الضياع وعدم التمكن من اختيار الأصلح حتى اضطر الخليفة الأول أن يتدخل في الأمر مباشرة ويختار بنفسه خليفته من بعده، وكذلك نرى أن الخليفة الثاني عين من بعده شورى سداسية لانتخاب الخليفة الجديد ولم يكل الأمر إلى المسلمين عامة!
ولم يمض على وفاة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أكثر من ثلاثين سنة وإذا بنا نشاهد أن الحزب السفياني الذي وقف معارضا في وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) مدة واحد وعشرين عاما قد تربع على عرش الخلافة ثم يغير الخلافة إلى ملك عضوض يتداوله بنو أمية فيما بينهم حتى توارثه يزيد وبنو مروان وبعد ذلك آل الأمر إلى بني العباس الذين استمروا على نهج بني أمية؟؟!
فهل تتصور إهانة للرسول الأكرم أكبر من هذه وهي أنه لم يهتم بمصير الأمة