له مضطرين ولكنهم لا زالوا يحلمون بعودة زعامتهم وتتراءى في خيالهم عودة أمجادهم التي قضى عليها الاسلام.
ومن جهة أخرى ينظر الرسول (صلى الله عليه وآله) إلى تلك القبائل العربية وهي حديثة عهد بالإسلام ولم تتجذر في نفوسها تعاليمه وأحكامه... وإلى عشرات المشاكل التي يراها تعترض مسيرة الاسلام.
وإلى جانب ذلك كله يرى وفاته قاب قوسين أو أدنى وأنه على وشك الرحيل إلى ربه الكريم...
وفي هذه الظروف الصعبة فلو أن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) رحل إلى ربه ولم يضع خطة لمستقبل الاسلام من بعده ولم يعين شخصا يخلفه وترك هذا الأمر دون أن يعالجه وسكت عنه... فيا ترى كيف يمكن تقييم عمل الرسول هذا؟ وبأي تبرير يمكن أن نبرره؟!
فهل يمكن لأحد أن يصدق بأن الرسول (صلى الله عليه وآله) - وهو العقل الكبير - وحتى من لا يعتقد بنبوته فهو مضطر للاعتراف بعظمة شخصية الرسول وأنه انسان يتمتع بنبوغ خارق وعبقرية فذة. - نعم كيف يمكن لأحد أن يصدق بان الرسول (صلى الله عليه وآله) غفل عن ذلك ولم يلتفت إليه؟! أو أنه تغافل - عن عمد - عن هكذا أمر هام؟!
كيف يمكن التصديق بأن الرسول الذي بين للناس تفاصيل أحكام الشريعة وجزئياتها ولم يغفل عن بيان مسائل العبادات وآداب المعاشرة وحتى مستحبات الأكل والشرب، ولكنه ترك أهم مسألة وهي التي يتوقف عليها استمرار الحكومة الإسلامية وهي بمثابة القطب لرحى الاسلام - تركها مهملة ولم يبينها للناس؟
هل يمكن القبول بأن الرسول الأعظم الذي جاء من ربه بالدين الكامل لجميع البشر وأسس قاعدة حكومة عظيمة استطاعت أن تنتصر على الدولتين العظميين في ذلك العصر وتؤسس أكبر حضارة في العالم، ولكن في نفس الوقت هذا